"إنهم يعبدون الصحابة"
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لو افترضنا أن أهل السُنَّة والجماعة تحرروا عن التبعية للنظام السعودي العميل، وأعلنوا الجهاد لتحرير فلسطين من قبضة الصهاينة - وهذا ما نأمله بإذن الله- عندئذٍ ستأتي المخابرات الصهيو-أميركية بأدوات محسوبة على الطرف الآخر، من أصحاب العمائم الشيعية المنحرفة، كالحسيني والحبيب والقريشي وغيرهم، ويبدأون باستحضار الثغرات والخلافات العقائدية التي من شأنها تثبيط المجاهدين وثنيهم عن نصرة الشعب الفلسطيني، وسيحظى دعاة الفتنة بالدعم الكامل من الأنظمة الخليجية المتصهينة، وعلى رأسها نظام آل سعود.
كما سنشاهد المكوعين من الدعاة، أمثال الجفري وعمرو خالد وعدنان إبراهيم، وقد مالوا مع الموجة وأعلنوا توبتهم من العقيدة السنية المنحرفة، وأن توبتهم تلك ما كانت لتتم لولا معرفتهم بالحق الذي ظهر فجأة على يد غلاة الشيعة، وسيتحول العداء إلى كل عالم سُني جليل تحرك للجهاد في أرض فلسطين المقدسة، كما هو الحال من شيطنة الإخوة في الفصائل المجاهدة في قطاع غزة، والذين لا ذنب لهم سواء أنهم أطاعو االله وتحركوا للدفاع عن كرامة ملياري مسلم.
وبما أن ذريعة "الصحابة" هي في حد ذاتها سلاحٌ ذو حدين، فستتجه البوصلة، وبدعمٍ سعودي إماراتي لتكفير أولئك المجاهدين بحجة المغالاة في مدح الصحابة لدرجة التأليه، وسيوفر غلاة السلفية حاجتهم من المقاطع المصورة المليئة بالقدح والذم بحق رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، من أجل تلميع أحد الصحابة، كالترهات التي تزعم بأن الرسول يخطئ فيصححه أحد الصحابة، وأن الوحي كان يؤيد الصحابي على حساب رسول الله، وحاشاه أن يكون كذلك وقد قال الله تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى".
وعندها سيكون لهذه الترهات صداها في نفوس العوام من أبناء الأمة، الذين قد يتفاجؤون بسماعهم لهذه الأخبار، ويتعبرونها عقائد كفرية، رغم أنهم قد سمعوها سابقًا دون تمحيص، ولم يلتفتوا إلى خطرها إلا بعدما سلط أعداء الأمة الضوء عليها لإثارة الفتنة.
ولعل ما يجري حاليًا من دعم سعودي وإماراتي واضح لقنوات المدّ الشيرازي المتطرف، الذي وصل به الانحراف إلى تكفير الإمام الخميني (رضوان الله عليه) - بسبب مواقفه العظيمة والمشرّفة تجاه القضية الفلسطينية، وإعلانه بأن "إسرائيل" غدة سرطانية، وأن أمريكا هي الشيطان الأكبر - لعل ذلك كله مؤشر على تحضير مسبق لمشروع أكبر.
وللأسف الشديد، لا يزال الإعلام العربي، في مجمله، يقدم الصراع على أنه مذهبيٌ محض، مع أن الأمة الإسلامية بكلها مستهدفة، وأن التعصب لغير الإسلام والمسلمين لا يجوز بعدما ظهرت حقيقة المؤامرة الصهيونية على الأمة، وبعدما اتضحت الرؤية بأن كل دعاة الطائفية أدوات بيد العدو الصهيوني، حيث لا مصلحة للأمة في الفرقة والنزاعات، ولا يتحرك فيها إلا الذين في قلوبهن مرض.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب