محمد محسن الجوهري*

صحيح أن حزب الإصلاح تبرأ من جماعة الإخوان قبيل تصنيف ترامب لها كجماعة إرهابية، إلا أن المعطيات على الأرض تؤكد أن التحالف السعودي الإماراتي يتجه إلى التخلص من إخوان اليمن، وأحداث حضرموت تؤكد جانباً من هذا الواقع.

فالتضحيات الكبيرة التي قدمها حزب الإصلاح لصالح آل سعود وآل نهيان لم تشفع له في البقاء، وربما كانت هي السبب لتعجيل الخلاص منهم، فالرياض وأبو ظبي لا ترى في الإخوان حليفاً صادقاً وتكتفي فقط بمنح بعض المكاسب والامتيازات الشخصية لكبار القادة من أمثال آل الأحمر واليدومي وغيرهم، أما عن القاعدة للحزب فمصيرها الاهلاك والاستنزاف في معارك مفتعلة من قيادة التحالف، كمعركة حضرموت المقبلة أو كمعارك تعز ومأرب في الماضي.

وقد رأينا عيدروس الزبيدي، بيدق الإمارات الأرخص، يتحدث من قبل عن دولة جنوبية معادية لليمن، وهذا ما كان يردده على مدى سنوات دون جدوى، إلا أن الجديد كان حديثه عن ضم مأرب الشمالية إلى الجنوب، وهذا لأن المحافظة غنية بالنفط وللأميركي وأدواته مآرب في احتلالها، وقد استحدث التحالف قوات عسكرية مخصصة لهذه الأهداف كالنخب والعمالقة والدعم وغيرها، ورغم أن حزب الإصلاح شارك في تأسيسها إلا أنه سيدفع الثمن لدعمه هذه الخطوة الإنفصالية كما سبق ودفع الثمن غالياً في عدن عندما أعلن الجهاد لصالح السعودية والإمارات فكان في ذلك الضربة القاضية له ولداعته وقادته، وحتى أئمة المساجد المحسوبين عليه.

واليوم يتكرر المشروع نفسه، وسيلقى الإصلاح ضربته القاضية بيد التحالف المشؤوم، وسيتلاشى حزب الإصلاح إلى الأبد إلا أن يغير من عقيدته السياسية ويتحالف مع حكومة صنعاء ومع الأنصار لينجو من حكم الإعدام الواقع به لا محالة، وهذه الخطوة، التحالف مع الأنصار، مستبعدة في سياسة الحزب، لذا فإن التلاشي هو المصير المحتوم لحزب الإصلاح.

ويعزّز هذا المسار جملة من المؤشرات، أبرزها إعادة هندسة المشهد السياسي والأمني في المناطق الخاضعة لنفوذ التحالف، عبر تمكين قوى محلية بديلة، وإضعاف البنى التنظيمية والعسكرية المرتبطة بحزب الإصلاح، إلى جانب تهميشه في ترتيبات السلطة وتقليص حضوره في المؤسسات الرسمية. كما يتقاطع هذا التوجّه مع السياسات الإقليمية المعادية لجماعة الإخوان، ما يضيّق هامش المناورة أمام الحزب ويجعل خياراته محدودة بين التكيّف القسري أو الانكماش التدريجي خارج معادلة التأثير.

ومن المخجل أن يختفي هذا التنظيم بعد أن ملاء الساحة ضجيجاً لسنوات طويلة لمجرد أن قيادته اختارت مصالحها الشخصية على مصلحة القواعد وسائر أبناء الشعب، وها هو حميد والحزمي ومن لف لفهم يجوبون عواصم العالم حيث تنتشر استثماراتهم الآمنة والتي اكتسبوها من دماء قواعد الحزب، وهذه هي النتيجة الطبيعية لمن يضع الثقة في غير مكانها، فأمثال اليدومي والأحمر لهم تاريخ طويل في النصب والاحتيال، ومن الواضح أن الدين عندهم وسيلة للإثراء، تماماً كما فعلوا مع غزة من قبل، وليس في دينهم أو أخلاقهم ما يدعوهم للثبات على موقف مشرف واحد، وقد رأينا كيف تنكروا للقضية الفلسطينية ورفضوا نصرتها رغم فضلها عليهم وعلى أولادهم.

خلاصة القول، إن حزب الإصلاح يقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، في ظل مسار إقليمي ودولي لا يعمل لصالحه، وتحالفات أنهكت رصيده السياسي وأفقدته هامش المناورة. ومع انسداد خيارات المراجعة الحقيقية، واستمرار الارتهان لقوى لا تتردد في التضحية بحلفائها، يبدو أن الحزب يدفع ثمن خياراته السابقة، ليجد نفسه خارج معادلة التأثير، في مشهد تتبدل فيه موازين القوى ولا يرحم المترددين.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب