في معركة المصطلحات.. لماذا استبدل اليهود "المشرق" بـ "الشرق"؟
السياسية || محمد على القانص*
اشتهر اليهود بالخبث والمكر والدهاء، ولذلك يقومون بتوظيف كل صغيرة وكبيرة لتحقيق مخططاتهم الخفية والمعلنة التي تهدف إلى محاربة الإسلام والمسلمين بشتى الوسائل، وعلى مستوى كافة المجالات الثقافية والفكرية والعقائدية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، وهذا يدل على أنهم الأشد عداوة للذين آمنوا، كما ذكر القرآن الكريم في كثير من آياته، وتناول طبيعة الصراع معهم، وبالمقابل وضح كيفية التصدي لمخططاتهم الخبيثة، وهذا ما غفل عنه الكثير من المسلمين، ولا سيما علماء السوء المحسوبون على أمة محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- إلا أنهم في الحقيقة لا يحملون من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، إذ سخروا كل طاقاتهم في كيفية الوضوء والطهارة، وتجنبوا الحديث عن القضايا المصيرية للأمة، ولم يقوموا بالتوعية اللازمة حول خطورة اليهود وعدائهم للعرب والمسلمين.
كما عُرف اليهود باعتماد سياسة النفس الطويل والعمل الدؤوب والمستمر لتنفيذ خططهم بعيدة المدى المرسومة منذ قرون، وعُرف البعض من العرب والمسلمين بالتخاذل والتراخي وقلة الثقة بالله، والابتعاد عن التوجيهات القرآنية التي يمكن من خلالها مواجهة المشاريع الصهيونية بكل صلابة وفاعلية، وهذا ما جسده الموقف اليمني تجاه غزة مؤخراً.
بالتركيز على موضوع المصطلحات التي عمل اليهود على ترسيخها في النفوس والألسن، نجد أنها تعممت في أوساط العامة سواء شعر الناس بذلك أم لم يشعروا. على سبيل المثال، قاموا بتغيير أسماء المناطق الفلسطينية المحتلة، فبدلوا اسم مدينة "يافا المحتلة" إلى المسمى اليهودي المستحدث "تل أبيب"، وبدلوا اسم ميناء أم الرشراش إلى ميناء إيلات اليهودي، وغيرها من المصطلحات التي استطاع اليهود، عبر وكلائهم من العرب، تعميمها على وسائل الإعلام العربية والأجنبية المختلفة.
ومن الملاحظ استخدام الآلة الإعلامية العالمية للمصطلحات اليهودية وترويض الرأي العام عليها، ومنها:
- استبدال قوات "الكيان الصهيوني المؤقت" بمصطلح "الجيش الإسرائيلي"، وهو ما يوحي بالاعتراف بـ"إسرائيل" كدولة لها جيش وأرض، وغيرها من الدلالات التي لا تخدم القضية الفلسطينية.
- تغيير "المستعمرات اليهودية" داخل فلسطين المحتلة إلى اسم "مستوطنات إسرائيلية"، وهذا يعد اعترافاً ضمنياً بأن هناك وطناً لليهود، كما يدعون.
- كما عملوا على طمس مصطلح "الجهاد" واستبداله بالقومية والوطنية وغيرها من المصطلحات التي تلاشت خلال أحداث غزة الأخيرة.
ويُذكر أن اليهود عملوا على تغيير تسمية "المشرق الإسلامي" إلى "الشرق الأوسط" ليصبحوا جزءًا من هذه التسمية ويقنعوا العامة بأن لهم حقًا مشروعًا في تلك المنطقة، وأنها ليست ملكًا للمسلمين.
وهناك العديد من المصطلحات التي يجب على وسائل الإعلام العربية والإسلامية الانتباه لها، لأنها تؤثر بشكل كبير وتغيظ اليهود، بدليل انزعاج المجرم نتنياهو من المصطلح "يافا" المحتلة الذي أطلقته القوات المسلحة اليمنية على إحدى طائراتها المسيرة التي تصل إلى أهدافها في عمق المدن الفلسطينية المحتلة بدقة عالية.
وأخيراً، لا يجب الاستهانة بمثل هذه الأمور، فحتى لو كانت بسيطة، إلا أنها مؤثرة. لذلك علينا الاستفادة من كل شيء في معركتنا مع الباطل، حتى على مستوى مفردة واحدة. وهذا ما أمر الله به في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)، لأن اليهود آنذاك كانوا يستفيدون من كلمة راعنا، فأمر الله بمقاطعتها.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب