محلل سياسي: المرحلة الثانية من اتفاق غزة تحولت من مسار تهدئة إلى ساحة صراع سياسي مفتوح
السياسية - وكالات:
قال المحلل السياسي، إياد القرا، إن حرب غزة تمرّ بحالة تجميد مؤقت لا ترقى إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار، في ظل تعامل العدو الإسرائيلي مع التهدئة بوصفها أداة سياسية وأمنية لإدارة الصراع، لا مدخلًا حقيقيًا لإنهاء العدوان.
وأوضح القرا، لوكالة" شهاب" الفلسطينية، اليوم الأربعاء، أن هذا النمط من "التهدئة المُدارة" يعكس سلوكًا "إسرائيليًا" تقليديًا قائمًا على التحكم بإيقاع المواجهة وتدويرها، بدل حسمها أو الوصول إلى نهاية واضحة للحرب.
وأشار إلى أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة باتت في قلب الصراع، لا باعتبارها إجراءً تقنيًا أو خطوة تنفيذية، بل ساحة اختبار لإرادات متعارضة فلسطينيًا وإقليميًا ودوليًا، تتجاوز في تداعياتها حدود القطاع إلى مجمل توازنات المنطقة.
ولفت القرا إلى أن الفلسطينيين ينظرون إلى المرحلة الثانية بوصفها استحقاقًا إنسانيًا وسياسيًا ملحًّا، يهدف إلى الوقف النهائي للعدوان وفتح مسار التعافي وإعادة الإعمار، بعد حرب إبادة خلّفت دمارًا شاملًا في البنية المجتمعية والعمرانية، واستنزفت المجتمع الفلسطيني إلى أقصى حدوده.
وأكد أن هذه المرحلة ليست ورقة تفاوض أو مقايضة، بل مطلبًا فلسطينيًا لإنهاء الإبادة والانتقال إلى التعافي.
وأفاد بأن الكيان الإسرائيلي يتعامل مع المرحلة الثانية بمنطق مختلف، حيث يسعى رئيس حكومة العدو مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بنيامين نتنياهو إلى إعادة تعريفها وفق شروطه الخاصة، بما يسمح له بإدارة نتائج الحرب بدل إنهائها، في سياق مرتبط بأزمته الداخلية العميقة ومحاولاته المستمرة للهروب إلى الأمام عبر إبقاء أدوات الضغط على غزة، أو نقل مركز الصراع إلى ساحات أخرى عند الحاجة.
وأضاف القرا أن الولايات المتحدة تتعامل مع غزة من زاوية إدارية، اقتصادية، أمنية، مجرّدة من أي مضمون وطني فلسطيني، وتركّز على ما تسميه “الاستقرار الوظيفي” ومنع الانفجار، دون معالجة جذور الصراع أو إنهاء الاحتلال.
وأوضح أن ذلك يفتح المجال أمام مشاريع لإدارة قطاع غزة تتجاهل مسألة السيادة والحقوق الوطنية، وتحول القطاع إلى ملف أمني واقتصادي قابل للإدارة لا قضية شعب واقع تحت الاحتلال.
وحول دور الوسطاء، أوضح المحلل السياسي أنهم رغم تمسكهم بنصوص الاتفاق، يفتقرون عمليًا إلى أدوات الإلزام والضمان، ويقتصر دورهم على إدارة الوقت وتخفيف التوتر، دون قدرة حقيقية على فرض تنفيذ المرحلة الثانية أو منع الالتفاف عليها، ما يجعل الاتفاق هشًا وقابلًا للتآكل تحت ضغط الابتزاز "الإسرائيلي" المتواصل.
وفي هذا السياق، حذّر القرا من سيناريو توسيع دائرة الحرب باتجاه لبنان أو إيران، معتبرًا ذلك أحد الخيارات الإسرائيلية للهروب من استحقاقات المرحلة الثانية، إذ يُستخدم التصعيد المحتمل مع حزب الله أو رفع منسوب التهديد تجاه إيران كورقة ضغط لإعادة خلط الأوراق الإقليمية وتأجيل أي التزام بإنهاء الحرب على غزة.
ولفت إلى أن هذا التوجه تحكمه حسابات سياسية داخلية أكثر مما تحكمه ضرورات أمنية، حتى لو كان ثمنه انفجارًا إقليميًا واسعًا.
وأكد أن المرحلة الثانية لاتفاق غزة تحوّلت من مسار تهدئة إلى ساحة صراع سياسي مفتوح، حيث يسعى الفلسطينيون إلى الحد الأدنى من الاستقرار والحياة، فيما يتعامل العدو مع الحرب كمشروع دائم لإدارة أزماته الداخلية والإقليمية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن المعركة اليوم لا تدور فقط حول تنفيذ مرحلة من اتفاق، بل حول تعريف نهاية الحرب نفسها: إما نهاية تفتح أفقًا للمستقبل، أو محطة جديدة في مسار ابتزاز وصراع طويل الأمد.

