السياسية || كيان الأسدي*

في تصريحه الأخير، يسعى دونالد ترامب إلى انتهاج سياسة العصا الغليظة، ملوّحًا بالحرب كأداة للابتزاز السياسي، ومبقيًا على هامش ضيق للمناورة الدبلوماسية، لكن وفق "المواصفات الترامبية" المشبعة بالهوَس والمزاجية.

يحاول ترامب أن يُظهر نفسه كمن يجلس خلف مكتبه الأبيض، منتظرًا من الخصوم أن يأتوا إليه راكعين طالبين التفاوض، بينما هو يمنح – متى شاء – "الضوء الأخضر" لحليفه نتنياهو للاستمرار في مغامرته العسكرية.

أما التهديد بضرب المنشآت النووية الإيرانية، فهو بالأساس رسالة موجهة لطهران مضمونها: "ارفعوا الراية البيضاء، فقد أعيتكم الحرب". لكنه يترك – في لغته المزدوجة – نافذة مفتوحة، بين "قد نضرب" و"قد لا نضرب"، ليمارس هوايته القديمة في خلق الفوضى كي يستثمر في نتائجها.

في المقابل، جاءت كلمة سماحة الإمام السيد علي الخامنئي واضحة كالشمس، ترسم حدود الردع الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية: لا خضوع ولا انحناء، بل مقاومة وردٌّ يُذلّ العدو ويردعه. الكيان الصهيوني سيتلقى درسًا لن ينساه، وأمريكا إن قررت التورط، فستكتشف أن لدى إيران ما يُثقل كاهلها بخسائر لا تقوى على احتمالها.

إن المطالبة بـ"الاستسلام غير المشروط"، كما وردت في خطاب ترامب، ليست إلا تعبيرًا عن عجز مقنّع. فإيران اليوم، بما تملكه من صبر استراتيجي وقوة إقليمية، تردّ على هذا المنطق بصلابة: لا تراجع، ولا مساومة، وسنذهب إلى أبعد مدى. ففي العقل الإيراني، لا يُقابل التهديد إلا بالحزم، ولا يُجابه الغطرسة إلا بالقوة.

*كاتب عراقي
*المقال يعبر عن رأي الكاتب