السياسية : تقرير || صادق سريع

منذ إعلانها إسناد غزة في نوفمبر 2023، بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" ضد العدوان الإسرائيلي، نجحت القوات المسلحة اليمنية في إفشال خطط المؤامرات العدوانية على اليمن، بل وفرضت معادلات عسكرية وسياسية على قوى دول العدوان الأمريكي - صهيو - غربي في معركة البحر الأحمر.

وكشفت ضعف جيوش أمريكا و"إسرائيل" وبريطانيا ودول غربية أخرى، ومحدودية قدراتها العسكرية والقتالية والاستخباراتية والعملياتية، بتحقيق معادلات قوة الردع وتكبيدها خسائر ضخمة، تزيد عن 245 قطعة بحرية تجارية وعسكرية؛ وقد حازت على لقب "سيدة" بعد فرض سيطرتها على واحد من أهم الممرات البحرية والتجارة الدولية في العالم، هو البحر الأحمر.

وكانت قوات صنعاء قد فرضت على سفن "إسرائيل" والمملوكة لها والمرتبطة بها، نهاية 2023، حصارًا بحريًّا في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.

فشل واشنطن الإستراتيجي

وها هو مركز "ستيمسون" يقرّ بما وصفه بـ"الفشل الإستراتيجي للولايات المتحدة" في الدفاع عن "إسرائيل" وفرض هيمنتها على البحر الأحمر والمنطقة، في المواجهة مع قوات صنعاء المساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة.

وأكد، وهو مركز أمني بحثي أمريكي متخصّص في أبحاث تعزيز الأمن الدولي ومقره واشنطن، في تحليل عسكري، إخفاق الجهود السياسية والعسكرية الأمريكية في تحقيق الأهداف المرجوّة باليمن.

وقال: "لم تحقق الجهود السياسية والحملات العدوانية الأمريكية على اليمن أي هدف من أهدافها المعلنة، وقد فشلت في مواجهة القوات اليمنية، بل وساهمت بشكل مباشر في تعزيز صورتها وموقعها العسكري والسياسي والاجتماعي داخل اليمن وخارجه".

وأضاف: "إن صمود اليمنيين وقواتهم المسلحة أمام عمليات العدوان العسكري الأمريكية والغربية كشف محدودية القدرات العسكرية لقوات واشنطن ولندن ويافا المحتلة ودول غربية حليفة لها، في فرض هيمنتها العسكرية على المنطقة".

وبرأي خبراء "ستيمسون"، فإن الفشل الإستراتيجي للولايات المتحدة في اليمن يعكس تحوّلات جذرية في ميزان القوى الإقليمي، حيث اكتسبت القوات اليمنية خبرات قتالية متقدمة وأدوات فعالة مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة.

وإن الغارات العدوانية على اليمن عكست "ضعفًا استخباراتيًّا" وعجزًا عن تحديد مواقع الأصول العسكرية الاستراتيجية، على الرغم من مشاركة حاملات الطائرات وطائرات الشبح الحديثة من طراز "إف-35" و"بي-2".

وماذا أيضاَ؟ إن استمرار الصراع يعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في الشرق الأوسط، مما يفرض على ساسة وعساكر واشنطن إعادة تقييم السياسات الإستراتيجية بشأن التعامل مع ملف اليمن لضمان الاستقرار في المنطقة.

وشنّت الولايات المتحدة عدوانها الأخير على اليمن، بالغارات الجوية، باسم عملية "الفارس الخشن"، في 25 مارس 2025، بأكثر من 1,500 غارة جوية لمدة 53 يومًا، أدّت إلى استشهاد 280 مدنيًّا، وإصابة أكثر من 650 آخرين.

وقبله، شنّت عدوانًا سابقًا، في 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا و"إسرائيل"، بأكثر من 950 غارة وقصفًا جويًّا، خلّف 250 شهيدًا و714 جريحًا من المدنيين.

صنعاء في البحر الأحمر.. وليس واشنطن

في السياق، قالت مجلة "إيكونوميست": "إن العمليات العسكرية بين البحرية اليمنية وبحريات دول العدوان الأمريكي والغربي المساندة لـ'إسرائيل' في البحر الأحمر، انتهت بسيطرة صنعاء على باب المندب وليس واشنطن".

وأضافت، وهي مجلة بريطانية أسبوعية واسعة الانتشار متخصصة في التحليلات السياسية والعسكرية ومجالات مختلفة، وتتبعها وحدة الاستخبارات الاستشارية (EIU): "إن قدرات اليمن البحرية تشهد توسّعًا، حيث تواصل قواته المسلحة تنفيذ العمليات النوعية المساندة لغزة ضد سفن 'إسرائيل' والمرتبطة بها في البحر الأحمر، في ظل استمرار فشل واشنطن في وقفها".

وتابعت: "إن الموقف الدولي بدأ ضعيفًا وعاجزًا، حيث قوبلت هذه التطورات العسكرية في البحر الأحمر بردود فعل باهتة تعكس حجم الحرج الذي يواجهه الغرب أمام الوقائع الجديدة في ميدان المواجهة".

وأعتبرت قرار الولايات المتحدة بسحب بعض مدمراتها البحرية وخفض وجودها العسكري في المنطقة، ساهم في توسيع القوات اليمنية لعملياتها وفرض معادلة ردع جديدة عزّزت حضورها الإقليمي في البحر الأحمر.

وأكدت فشل الحملات العدوانية الصهيو - أمريكية على اليمن في تحقيق أي نتائج، كما فشلت قبلها عمليات العدوان السعودي - الإماراتي، على مدى عشر سنوات، منذ بدء عدوان مارس 2015، في كسر إرادة اليمن واليمنيين.

الحقيقة التي كشفتها "إيكونوميست" هي أن اليمن لا يمتلك السلاح فحسب، بل يمتلك القرار السياسي لاستخدامه عند الضرورة، حيث أثبتت القوات اليمنية قدرتها على تغيير التوازنات الإقليمية وفرض واقع لا يمكن تجاوزه عسكريًّا أو سياسيًّا.

وكانت قناة "12" العبرية، قد أعلنت مطلع الأسبوع الجاري مغادرة حاملة الطائرات الأمريكية "كارل فينسون" من منطقة الشرق الأوسط متوجهة عبر المحيط الهندي إلى مينائها في سان دييغو.

وأكدت أنه لم تبقَ سوى سفينة واحدة من السفن الأمريكية الحربية الخمس، المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وتواصل قوات صنعاء فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا في "إسرائيل"، والحصار البحري في البحر الأحمر على سفنها. وقد أدى ذلك إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.

وقد أطلقت بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، وأسقطت ثلاث طائرات من طراز "F-18" لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، و26 طائرة من طراز "MQ-9"، منها 22 في معركة إسناد غزة، وأربع خلال العدوان الأمريكي - السعودي، منذ 26 مارس 2015 وحتى 2023.