الصمت العربي والإسلامي أمام مجازر غزة: هل مات الضمير الإنساني؟
شاهر أحمد عمير*
في مشهدٍ مأساويٍّ يتكرّر منذ سنوات، يتعرض الشعب الفلسطيني ومواطنين غزة الأعزل لأبشع صنوف العدوان على يد الكيان الصهيوني المحتلّ، الذي لا يتورع عن سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ، ويتمادى في القتل والحصار والتجويع، في محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية وطمس حقوق أهلها.
أمام هذا الإجرام الممنهج، يبرز سؤال يطرق ضمير كُـلّ إنسان حي: أين هو الضمير العربي؟ وأين الشعوب الإسلامية؟ بل أين الإنسانية نفسها؟
لقد أصبح الصمت المطبق الذي يخيّم على الشارع العربي والإسلامي تجاه ما يحدث في غزة صمتًا مدوّيًا، لا يقل خطورة عن نيران القصف التي تسقط على رؤوس الأبرياء.
صمتٌ يؤلم أكثر من الكلام، ويكشف عن جرحٍ عميقٍ في وجدان الأُمَّــة.
في الوقت الذي تنتظر فيه غزة وقفة عزّ من أمتها، تتوارى مظاهر الغضب والتضامن، وتظهر أصوات التبرير والتطبيع، وتُمنح الشرعية لمحتلّ لا يعرف سوى القتل والدمار.
إن هذا التخاذل ليس فقط انحرافًا عن القيم، بل خيانة للأمانة التي أودعها الله في عنق كُـلّ مسلم حر.
ديننا الحنيف لم يدعُ إلى الحياد في وجه الظلم، بل أمر بنصرة المظلوم، والوقوف في وجه المعتدي. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".
فكيف نقف مكتوفي الأيدي أمام شعب يُباد تحت سمعنا وبصرنا؟ وأي دينٍ أَو إنسانيةٍ تبرّر هذا الجمود وهذا الانفصال القاسي عن آلام غزة؟
ما يحدث اليوم اختبار حقيقيٌّ لوعي الأُمَّــة، ومدى ارتباطها بمبادئها.
إن القبول بهذا الواقع المخزي هو قبول بموت الضمير، وسكوت عن الحق، ورضوخ لهيمنة الجلاد.
من هنا، نوجه نداءً من قلب الجراح إلى الشعوب والقيادات الحرة:
تحَرّكوا. اصرخوا. افعلوا ما بوسعكم إعلاميًّا، سياسيًّا، اقتصاديًّا، شعبيًّا، فكل صوت حر هو سهم في قلب المحتلّ.
وكل خطوة نحو نصرة غزة هي خطوة نحو استعادة كرامة الأُمَّــة.
فالقضية الفلسطينية ليست شأنًا محليًّا، بل هي قضية كُـلّ من آمن بالحرية والعدالة. ومن يخذلها، فقد خذل الدين والعروبة والإنسانية.
الدم الذي يُسفك في غزة هو دمنا، والطفل الذي يُدفن هناك هو ابننا، والبيت الذي يُهدم هناك هو بيتنا. لنصنع من ضميرنا جدارًا يحميهم، ومن صوتنا منبرًا لا يسكت، حتى يعود الحق لأصحابه، وتسقط أُسطورة الاحتلال، وتُرفع رايات النصر في سماء فلسطين.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب
* المسيرة نت