"الزويدين".. قرية بدوية فلسطينية تقاوم وحدها في وجه الاستيطان الصهيوني
السياسية - وكالات :
في أقصى جنوب شرقي الخليل بالضفة الغربية في فلسطين المحتلة، حيث تتداخل رائحة التراب مع صوت الريح، تقف قرية الزويدين البدوية، أو "أم الدرج"، وحيدة في مواجهة حصارٍ يزداد إحكامًا يومًا بعد يوم.
أربعة آلاف فلسطيني يعيشون فوق أرضٍ يملكونها، لكنهم يُمنعون من لمسها. يُراقَبون ويُلاحَقون ويُضيَّق عليهم العدو الصهيوني ومستوطنوه حتى في خطواتهم الأولى خارج بيوتهم.
على بعد أمتار فقط من منازل المواطنين الفلسطينيين، أقام مستوطن صهيوني يُدعى "شمعون عطية" بيتًا متنقلًا تحوّل إلى نقطة مراقبة دائمة، ينطلق منها لتهديد الأهالي وملاحقتهم كلما حاولوا الزراعة أو رعي مواشيهم أو حتى المرور في الطريق الرئيس للقرية.
يقول الناشط ضد الاستيطان، عدي طعيمات، لوكالة "صفا" الفلسطينية، إن "الاعتداءات الصهيونية اليومية أصبحت جزءًا من المشهد الدائم في الزويدين"، موضحًا أن المستوطن عطية يقود هجمات شبه يومية تحت حماية جيش العدو الإسرائيلي.
ويضيف: "القرية محاصرة ببؤرتين استيطانيتين هدفهما واضح: دفع الأهالي نحو الرحيل القسري".
الهجمات الصهيونية لا تقتصر على الملاحقة والمضايقات؛ بل تمتد لاعتقالات واقتحامات واعتداءات على النساء والأطفال والمتضامنين، إضافة إلى مصادرة المركبات، وهدم المنازل، وقطع المياه، كما تم تحطيم ما يزيد عن ثلاثين شجرة زيتون.
أما الأرض، مصدر رزق البدو، فأصبح الوصول إليها مغامرة محفوفة بالخطر، بعد مصادرة آلاف الدونمات ومنع أصحابها من فلاحتها.
وتعاني القرية من غياب شبه تام للخدمات الأساسية؛ فالمركز الطبي الوحيد يفتقر للكادر، ما يضطر المرضى لقطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى مدينة الخليل.
كما تمنع سلطات العدو دخول مواد البناء، وتلاحق كل مركبة تحملها، ما أرغم السكان على استخدام الحيوانات كوسيلة نقل رئيسية داخل المنطقة.
وتضاعف سياسة الهدم من معاناة الأهالي، إذ هدمت سلطات العدو الإسرائيلي عشرات المنازل والمنشآت الزراعية، وأصدر أوامر وقف بناء جديدة، في محاولة لإبقاء القرية في حالة عجز دائم.
وفي سبتمبر الماضي، تلقت مدرسة الزويدين الثانوية التي يخدمها 170 طالبًا، إخطارًا بالهدم رغم وجودها ضمن المخطط الهيكلي، ذلك بعد تحريض من منظمة "ريغافيم" الاستيطانية.
ويؤكد المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات، أن ما يجري في الزويدين "هجمات مكثفة تهدف إلى خلق بيئة طاردة".
ويضيف: "هذه ممارسات ممنهجة تستهدف تهجير البدو والاستيلاء على أراضيهم".
ورغم أن الزويدين تقف اليوم وسط دائرة خانقة من الاستيطان ونقص الخدمات، إلا أن سكانها يصرّون على التشبث ببيوتهم وذكرياتهم وأرضهم.
هنا، تتحول معركة البقاء إلى حكاية صمود يكتبها الأهالي كل صباح، بإصرار لا يلين.
وبينما يشتد الحصار وتتسع دائرة الاعتداءات الصهيونية، يزداد عزم السكان على أن تبقى الزويدين قرية حيّة نابضة، لا تُمحى من الخارطة ولا من التاريخ.

