السياسية - وكالات :


لم يفرّق المنخفض الجوي الأخير الذي ضرب قطاع غزة بين بيتٍ قائم على أعمدة إسمنتية أو خيمة مهترئة ؛ فالمياه والرياح العاتية اقتحمت كل الأماكن، وفرضت على السكان ليلةً قاسية تساوت فيها المعاناة، في ظل بنية تحتية مدمّرة وغياب أبسط مقومات الحماية من برد الشتاء.


في ساعات الفجر الأولى، فوجئ خالد الدريملي من حي تل الهوى، وهو أب لثلاثة أطفال، بسقوط ردمٍ من بيته المكوّن من أربعة طوابق فوق الطابق الأرضي الذي كانت العائلة تحتمي فيه، خشية المخاطر في الطوابق العلوية.


يقول الدريملي لصحيفة "فلسطين" اليوم الثلاثاء "أعيش في بيت العائلة المكوّن من أربعة طوابق، وقد استهدفه الكيان خلال حرب الإبادة، فاضطررنا للسكن في الطابق الأرضي لصلاحيته الجزئية."



ويوضح أن أصوات الرياح العنيفة وتساقط أجزاء من المنزل حوّلت الليل إلى لحظات رعب حقيقية، خاصة مع تحطم النوافذ وتكسّر الشوادر البلاستيكية التي كان قد ثبّتها قبل المنخفض، بسبب شدة الرياح وغزارة الأمطار.


ويضيف: "لم نعرف كيف نتصرف أنا وزوجتي، بقينا ننتظر الصباح فقط. الأطفال كانوا يرتجفون خوفًا وبردًا، وفي كل لحظة كنا نتوقع انهيار جزء آخر من البيت."


وفي حي الزيتون، فوجئ محمد حسان وزوجته وأطفاله الأربعة بتسلل مياه الأمطار إلى منزلهم من أطرافه، قبل أن تمتد إلى مساحات واسعة داخله. ويروي حسان لـ"فلسطين" أن المياه أفسدت الملابس والسجاد وكل ما كان على الأرض، فيما حاول أفراد العائلة رفع بعض الأغراض وسط الظلام والبرد القارس.


ويقول: "لم نعرف كيف نواجه المنخفض؛ لا كهرباء ولا أدوات. تركنا الفرش والملابس المبتلة كما هي، وانتظرنا الصباح لعلّنا نستطيع تجفيفها."


أما في حي تل الهوى، فقد غمرت مياه الأمطار منزل أبو محمود الدحدوح بشكل شبه كامل، ما اضطره وأفراد أسرته للبقاء محاصرين بالمياه لساعات طويلة. ويقول: "أعيش تحت سقف متهالك في بيتي المدمّر. كنت خائفًا من فصل الشتاء، وحاولت تأمين المنزل قدر الإمكان قبل عودة عائلتي من الجنوب."


ويتابع: "لكن هطول الأمطار الغزيرة لساعات طويلة دون انقطاع، في ظل انعدام أي وسائل للشفط أو المساعدة، جعلنا عاجزين تمامًا."..مضيفا: "كنا نراقب الماء وهو يرتفع، لا نملك سوى الصبر والدعاء حتى يتوقف المطر، ووضع بعض الأوعية لتلقي قطرات المياه، لكن دون جدوى."




تسرّبت المياه إلى الفرشات والأغطية، واقتلعت الرياح الخيام من أماكنها، لتجد عائلات بأكملها نفسها في العراء، تحت المطر، دون مأوى بديل.


وتعكس هذه الشهادات حجم العجز الذي يعيشه سكان القطاع مع كل منخفض جوي، في ظل غياب الكهرباء، ونقص وسائل التدفئة، وانعدام أي بدائل حقيقية.