السياسية : تقرير || صادق سريع*

"مشاهد هجمات اليمنيون مذهلة للغاية وملفتة للانتباه، كما لو أن تصويرها تم في هوليوود اليمنية"، هكذا علّقت قناة "LCI" الإخبارية الفرنسية على مشاهد إغراق سفينتي "إتيرنيتي سي" و"ماجيك سيز" في البحر الأحمر.

وقالت: "اليمنيون هم فن الدعاية، والإعلان عنها، والإبهار، هذا ما نراه حتى أنهم يحتفلون وهم يحملون البنادق في أياديهم، يبدو الأمر حقًا وكأنه عرض جنوني للغاية!".

وأضافت: "من المهم أن يفهم الجميع أن اليمنيين موجودون في الحرب ضد 'إسرائيل' حتى الموت.. لقد ذهب مراسلنا إلى اليمن قبل أشهر، وعاد بمشاهد مذهلة للغاية، لقد شاهد شعار الموت لأمريكا في كل مكان، يجب علينا أن نُرسل هذه الرسالة إلى الدوحة، محور المقاومة لا يزال حيّاً!".

وتابعت: "لم ينتهِ الأمر بعد، هذا الهجمات تُمثل فشل العمليات السابقة، كنتم تقولون إنه تم القضاء على اليمنيين والمقاومة، ونحن نرى أن الشرق الأوسط الذي حلم به ترامب ونتنياهو لا يُعاد تصميمه فعلياً كما أراداه، واليمنيون ما زالوا أقوياء وتمكنوا من تصنيع صواريخهم الخاصة وقنابلهم".

وقالت في تقرير تلفزيوني: "اليمنيون أطلقوا العنان لفعل ما يحلو لهم منذ اللحظة التي أوضح فيها ترامب أن لا شيء يحدث، لكن كان لليمنيين رأي آخر وحرية مطلقة".

وأكدت: "بعد إعلان ترامب أن خصومه في الشرق الأوسط قد ماتوا، المشكلة هي أنهم ما يزالون أحياء وأقوياء، وقد تمكنوا من تصنيع قنابلهم وصواريخهم الخاصة بأنفسهم، وهم يتحدّون ترامب. فماذا سيفعل ترامب!؟".




عمليات الإغراق

وأعلنت القوات المسلحة اليمنية بصنعاء، الأربعاء 9 يوليو 2025، إغراق سفينة "إتيرنيتي سي" كلياً في البحر الأحمر، بزورق مسيّر وستة صواريخ مجنحة وباليستية، بعملية عسكرية موثقة، أثناء إبحارها إلى ميناء أم الرشراش المحتل، بعد رفضها تحذيرات البحرية اليمنية، وانتهاك قرار الحظر البحري مع الشركة المالكة باستئناف التعامل مع الموانئ الصهيونية.

والثلاثاء، أغرقت سفينة "ماجيك سيز" المملوكة لشركة إماراتية في البحر الأحمر، بزورقين مسيّرين، وخمسة صواريخ باليستية ومجنحة، وثلاث طائرات مسيّرة، لانتهاكها قرار حظر التعامل مع موانئ "إسرائيل".

وجدّدت استمرار حظر الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي إسناداً لغزة حتى وقف العدوان الصهيوني، محذّرة كافة الشركات التي تتعامل مع "إسرائيل" بأن سفنها وطواقمها ستتعرض للاستهداف في أي منطقة تطالها أسلحتها.

وتواصل القوات المسلحة فرض الحظر الجوي والبحري على "إسرائيل"، بإطلاق الصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا، إسنادًا لغزة، في ظل استمرار الحصار البحري الذي أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش.

وبعد إغراق سفينتي "إتيرنيتي سي"، و"ماجيك سيز"، يرتفع عدد السفن التي أغرقتها قوات صنعاء في البحر الأحمر إلى أربع سفن؛ تم إغراق الأولى "روبيمار" المملوكة لشركة بريطانية في 18 فبراير 2024، والثانية "توتور" في 12 يونيو 2024.





شل ثقة الشحن العالمي

بدورها، قالت صحيفة "ستارز آند سترايبس" التابعة للجيش الأمريكي: "إنّ الهجمات اليمنية في البحر الأحمر، تُحدث تأثيرًا عميقًا واستراتيجيًا في قلب منظومة الشحن العالمية، إذ يكفي تهديد واحد أو عملية ناجحة واحدة لزرع الشك بشركات الملاحة وتعطيل سلاسل الإمداد الدولية".

ونقلت عن خبير الأسلحة السابق في لجنة الأمم المتحدة بشأن اليمن، وولف كريستيان بايس، قوله: "إن زعزعة الثقة لا تتطلب قصف السفن يوميا، بل يكفي أن يشعر مالكو السفن وشركات التأمين والموانئ أن المسار لم يعد آمناً".

وأضاف، وهو زميل بارز في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "إن الهجوم الواحد الناجح كفيل بإرباك الأسواق"، في إشارة إلى الهجمات اليمنية الأخيرة على سفينتي "إتيرنيتي سي"، و"ماجيك سيز"، في البحر الأحمر.

موقع صحيفة الجيش الأمريكي أشار في تقريره العسكري إلى تزايد قلق دول الغرب من تأثير قوة صنعاء في واحد من أهم الممرات المائية العالمية، على الرغم من الفارق الكبير في العتاد والتكنولوجيا مقارنة بقوى التحالف الأمريكي - الغربي.

وأشار خبراؤه العسكريون في البحرية الأمريكية، إلى أن إستراتيجية القوات اليمنية القائمة على "التحديد والتوقيت"، وليس على كثافة الضربات، أظهرت نتائج مقلقة لواشنطن وشركائها، حيث تكفي طلقة واحدة في التوقيت المناسب لتعطيل الملايين من حركة البضائع، ورفع أسعار التأمين، وإعادة رسم خطوط التجارة.

وأكدوا إن الهجمات البحرية اليمنية ليست مجرد مسألة أمنية، بل ضربة موجهة في قلب اقتصاد دول تحالف العدوان الغربي، إذ أن الاضطرابات المتكررة للشحن البحري تؤثر على تدفق النفط، وأسعار النقل، وتضعف تواجد دول الغرب و"إسرائيل" في ظل تواجد قوة مقاومة في البحر الأحمر.

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,240 صاروخاً ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" المساندة لغزة، منذ نوفمبر 2023، أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية لدول العدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، في بحار الأحمر والعربي والمحيط الهندي.