السياسية - وكالات :


لم يكن الطفل الفلسطيني سمير زقوت (12 عاماً) يتوقع أن يتحول حلمه البريء بلعب كرة القدم إلى كابوس دائم، يرافقه في كل لحظة بعد إصابته.


يوم الثلاثاء، 25 مايو 2025، لم يكن عاديًا في حياة سمير وعائلته التي تسكن بحي الشيخ رضوان، شمال شرق مدينة غزة.


فبينما كان يلعب وشقيقه خالد (11 عامًا) في غرفتهما المطلة على الشارع، تسللت مسيَّرة "إسرائيلية" انتحارية عبر النافذة، وانفجرت على حين غرَّة.


وهذا النوع من المسيَّرات، شكَّل أحد أبرز الأسلحة التي استخدمها جيش العدو الإسرائيلي منذ بدء جريمة الإبادة في أكتوبر 2023، ونفذ عمليات استهداف عديدة بواسطتها.


الانفجار العنيف مزّق سكون البيت، وأحال الغرفة التي كان يلعب فيها الشقيقان إلى مكان محترق وجدران مليئة بالثقوب بعدما اخترقتها شظايا المسيَّرة كما اخترقت تمامًا جسد سمير، وسببت له جروحًا عميقة في رأسه وأنحاء جسده، وبتر على الفور في ذراعه اليمنى من أعلى مفصل الكوع، وساقه اليسرى من أعلى مفصل الركبة.


لحظات الفزع لم تفارق أفراد العائلة حينها، وعندما هرعوا لتفقد الشقيقين في الغرفة المستهدفة، وجدا جسد سمير غارقًا بالدماء وهو غائب عن الوعي تمامًا، فيما نجا خالد بأعجوبة.


يقول محمد زقوت (33 عامًا) وهو والد سمير لموقع "فلسطين أونلاين "منذ إصابته وأنا أقضي غالبية وقتي بجواره، نحاول التخفيف عنه نمسح دموعه ونشجعه على مواجهة الألم بقدر ما يستطيع".


أما دعاء زقوت (30 عامًا)، والدة الطفل، فهي تقول بصوت مرتجف: "كنت أراه يركل الكرة طوال الوقت، كان يعشق شيء اسمه كرة القدم، لم أتصور يومًا أن يفقد أطرافه لتنقلب حياتنا كلها رأسًا على عقب".


بينما ينظر الأب إلى ابنه بحزن، يتذكر تلك الأيام التي كان يصطحبه فيها إلى ملاعب غزة لمشاهدة مباريات الدوري المحلي، حيث تعلّق سمير بحلمه أن يصبح لاعب كرة قدم مشهور.


ويتساءل الطفل سمير بصوت مخنوق "ما الذي فعلته أنا حتى يرسل جيش العدو مسيَّرة ويفجرها أمامي؟".


ويخبر الطفل زواره: "أريد فقط أن أخرج من هنا كي أحصل على حقي في العلاج. أريد أن أتعلم كيف أعيش من جديد"، ثم ينظر نحو ساقه المبتورة بصمت موجع.


ورغم الألم، هناك بصيص أمل، فقد حصل سمير، مؤخرًا، على تحويلة للعلاج خارج غزة، وينتظر مع عائلته إذن السفر لإجراء عمليات تساعده على تركيب أطراف صناعية، لكن الانتظار يطول، فالمعابر يغلقها العدو في معظم الأوقات، والإجراءات المعقدة تجعل من السفر للعلاج أمرًا ليس من السهل تحقيقه في زمن الحرب.


وتحاول والدته أن ترفع معنوياته، حيث تخبره أن "الأطباء سيمنحونه ذراعًا وساقًا صناعية، وإنه سيلعب كرة القدم من جديد".


يبتسم الطفل ببراءة حين يسمع ذلك، لكن سرعان ما يخفت بريق الابتسامة، كأن قلبه يعرف أن الطريق ما زال طويلاً وشاقًا.