باحث إسرائيلي يفسّر لماذا لن يصوت اليهود في الولايات المتحدة لترامب رغم انحيازه الكامل لإسرائيل
السياسية :
أعرب ثلثا الإسرائيليين الذين شاركوا في استطلاع رأي حول انتخابات الرئاسة الأمريكية الوشيكة، عن أملهم في أن يفوز بها الرئيس الحالي دونالد ترامب لعلاقته القريبة جدا من إسرائيل. وأبدى نحو نصف المشاركين في استطلاع الرأي خشيتهم من تراجع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في حال فاز في الانتخابات الأمريكية المرشح الديمقراطي جو بايدن.
وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجرته قناة “أي 24” الإسرائيلية أن نسبة عالية جدا من الإسرائيليين يتابعون مجريات الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة إذ قال نحو نصف المستطلعة آراؤهم انهم يتابعون ما يجري في هذا الشأن عن كثب، بينما قال قرابة 40% إنهم مهتمون بصورة عامة. ومن أهم أسئلة الاستطلاع تتعلق بموقف المواطنين الإسرائيليين من الانتخابات الأمريكية. وردا على سؤال ما مدى اهتمامك أو متابعتك عن كثب للأحداث التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ أجاب 48.1% بأنه “مهتم للغاية” بينما قال 39.7٪ إنه “مهتم إلى حد ما”، فيما قال 9.0% إنه “غير مهتم جدًا”. وقال 2.8% إنه “غير مهتم على الإطلاق”، وأما 0.3% فأجابوا “لا أعرف”.
إسرائيليون وأصحاب حق اقتراع في الانتخابات الأمريكية
وعند سؤال أي مرشح للرئاسة الأمريكية تعتقد أنه سيكون أفضل لإسرائيل؟ قال 63.3% بأنهم يرون دونالد ترامب هو الأفضل بينما قال 18.8% منهم بأن الأفضل هو جو بايدن. وقال 10.4% إنه لا يرى أي فرق بينهم وإن كلاهما جيد لإسرائيل، فيما أجاب 4.4% بأنهم لا يعرفون الإجابة ويرى 3.1% أن لا أحد منهما جيد لإسرائيل. وأما عن السؤال القائل: يعتبر رئيس الوزراء نتنياهو مقربًا بشكل خاص من الرئيس ترامب وبحال تم انتخاب جو بايدن رئيسًا، هل تعتقد أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة سوف تتضرر؟ على ذلك أجاب 50.9% بـ نعم بينما قال 43.5% بـ كلا وقال 5.6% لا أعرف. يشار إلى أن هناك معطيات متضاربة حول عدد الإسرائيليين الذين يحملون جنسية أمريكية ولهم حق التصويت في انتخابات الرئاسة الأمريكية في الشهر القادم ويقدرون ببضع عشرات من الآلاف يصوتون من خلال التسجيل المسبق في السفارة الأمريكية في القدس المحتلة ويدلون بأصواتهم من خلال مراكز البريد في البلاد.
تأييد ترامب غير المسبوق لإسرائيل لن يجرف إليه أصوات اليهود
بسياق متصل يشار إلى أن استطلاعات رأي كثيرة تقول إن معظم الأمريكيين من أصل يهودي يواصلون التصويت لمرشح الحزب الديموقراطي. ويرى المحاضر الإسرائيلي في العلاقات الدولية بروفيسور ايتان غلبوع أن ترامب يعد الرئيس الأكثر ودّاً لإسرائيل في تاريخ البيت الأبيض لكنه لن يحظى بأصوات اليهود الأمريكيين. في مقال نشرته صحيفة “معاريف” أمس قال غلبوع: “ترامب نفسه قال إنه بفضل دعمه غير المسبوق لإسرائيل، فان يهود الولايات المتحدة ملزمون بأن يصوتوا له في الانتخابات القريبة القادمة. هذا لن يحصل. “الصوت اليهودي”، وهو مفهوم غير ثابت وغير محدد يشمل الأسطورة والواقع، سيذهب في غالبيته الساحقة الى بايدن. في الولايات المتحدة يسكن نحو 5.5 – 6 مليون يهودي يشكلون اقل من 2 % من السكان الأمريكيين. ويستذكر غلبوع أنه في انتخابات 2016 صوت 128 مليون ناخب، 4 % منهم فقط كانوا يهودا معتبرا أن الصوت اليهودي لا يبدو مصدرا مؤثرا. ويشير الى ان يهود الولايات المتحدة مصوتون ومتبرعون كبار وانه فيما تبلغ معدلات التصويت نحو 55 % فإن معدل تصويت اليهود يبلغ نحو 85% ويقول إن اليهود معروفون بفاعليتهم السياسية، وهم منظمون جيداً في تجمعاتهم السكانية. ويتابع: “مذهل أن اليهود في فترات الانتخابات هم المتبرعون الكبار من أموالهم للحزبين. نحو نصف التبرعات التي يجندها الديمقراطيون ونحو ربع التبرعات التي يجندها الجمهوريون تأتي من اليهود”.
التجمعات اليهودية الأهم
وتتركز التجمعات السكانية اليهودية في الولايات المترددة التي تحسم الانتخابات مثل فلوريدا، بنسلفانيا، ميشيغين واوهايو ويعتبر معدل اليهود في فلوريدا هو ضعف المتوسط القطري ولذا لا يمكن لترامب ان ينتصر على بايدن دون فلوريدا. وعن ذلك يقول غلبوع إن الاستطلاعات اليوم تشير هناك الى تعادل إحصائي بينه وبين بايدن، يمكن للصوت اليهودي أن يحسم. مايكل بلومبرغ اليهودي، الذي تنافس في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، تبرع بـ 100 مليون دولار كي ينتصر بايدن في فلوريدا. ويوضح الأكاديمي الإسرائيلي المطلع على الشؤون الأمريكية أن معظم يهود الولايات المتحدة يصوتون للمرشحين الديمقراطيين، سواء للرئاسة أم للكونغرس وفي القرن الحالي تتراوح هذه الاغلبية بين 69 و79 %. ويستذكر أنه في انتخابات 2016 حصلت الديموقراطية هيلاي كلينتون على 71 % من الصوت اليهودي بينما ترامب الجمهوري لم يحصل إلا على 24 % فقط. ويحتل الرئيس الامريكي الراحل رونالد ريغان الرقم القياسي لتأييد اليهود لمرشح جمهوري، حيث حصل في انتخابات 1980 على 39 % من الصوت اليهودي. وبرأي غلبوع فإن أغلبية يهود الولايات المتحدة هم ليبراليون وعليه فهم يؤيدون الديمقراطيين الذين يتبنون مواقف ليبرالية. اما اليهود الارثوذكسيون، الذين يشكلون نحو 20 % من يهود الولايات المتحدة فهم محافظون وعليه فانهم يؤيدون المرشحين الجمهوريين أكثر. ويتابع: “كـ أقلية، أيد اليهود دوما المساواة والحقوق للاقليات وصمموا صورة الليبرالية الأميركية القائمة على أساس هذه المبادئ. وشارك اليهود في الكفاح على مساواة الحقوق للسود، للنساء وللمثليين وعلى الفصل التام بين الدين والدولة. هذه أيضا هي الكفاحات التي تصدرها الديمقراطيون. ومؤخرا شارك الكثير من اليهود في المظاهرات ونشروا بيانات ضد العنصرية وقتل السود على ايدي الشرطيين البيض”.
دور التأييد لإسرائيل
وينبه غلبوع المعروف بمناهضته للرئيس ترامب أنه في العقود الأخيرة لا يشكل التأييد لإسرائيل من جانب المرشحين للرئاسة وللكونغرس عاملاً مهماً في الاعتبارات الانتخابية لدى يهود الولايات المتحدة. وفي تفسيره لذلك يقول غلبوع: “اليهود هناك قبل كل شيء أمريكيون ويصوتون وفقا للمواضيع التي تشغل بال كل ناخب أمريكي. وفي المكان الثاني، يراعون مواضيع مهمة لهم كيهود اما إسرائيل فلا توجد الا في المكان الثالث. في استطلاع أجري، مؤخراً، ورتب الاعتبارات الانتخابية للناخبين اليهود – إدارة أزمة «كورونا»، الصحة، الاقتصاد، العنصرية واللاسامية والرقابة على السلاح جاءت عاليا في سلم الاولويات، بينما صُنّفت إسرائيل في المرتبة الأخيرة”.
شرخ متزايد
ويؤكد المحاضر الباحث الإسرائيلي غلبوع أن عدم المراعاة لإسرائيل ينبع أيضا من الشرخ بين يهود الولايات المتحدة وبين إسرائيل، الذي يرتبط بالشرخ الناشئ بينها وبين الحزب الديمقراطي. ويعتقد أن أسباب ذلك هي وقوف نتنياهو الى جانب الجمهوريين، صراعه ضد أوباما وعلاقاته القريبة مع ترامب، والميل اليساري للديمقراطيين. كما يرى يهود الولايات المتحدة في ترامب برأيه مرشحاً عنصرياً ومحافظا متطرفا يحتقر الاقليات والمساواة وساهم بقصوراته في ارتفاع اللاسامية والعنف ضد اليهود، وهذه، من ناحيتهم، تفوق كل الخطوات الكبرى التي فعلها في صالح إسرائيل”.
تبادل الهدايا
يذكر أن معلقين محليين يرون أن إغداق ترامب الهدايا والعطايا على دولة الاحتلال على حساب العرب والفلسطينيين والمسلمين ودعمه اللامحدود لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يهدف من جملة مراميه مساعدة نتنياهو نفسه في البقاء في الحكم على أمل أن يقوم الأخير بمساعدته في انتخابات الرئاسة الأمريكية من خلال مخاطبة ليس اليهود فقط بل الإنجيليين والمسيحيين الصهاينة في الولايات المتحدة ممن يرغبون ويتمنون الخير لإسرائيل لاعتبارات تلمودية وهذا ما يفعله نتنياهو فعلا بالتصريح والتلميح من خلال إشادته بـ “أهم صديق لـ إسرائيل في الولايات المتحدة” كما يكرر القول. وهناك من المحللين الإسرائيليين ممن يرى أن سقوط ترامب سينعكس سلبا على الانتخابات الإسرائيلية التي تبدو وشيكة وتمهد لسقوط نتنياهو الذي يعاني أزمة ثقة بعد اتهامه بالفساد وبالفشل الذريع في مواجهة جائحة الكورونا.
* المصدر : القدس العربي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع