مجيب حفظ الله

ترى الكثير من مراكز الدراسات الغربية أن كلّاً من الرياض وأبوظبي لم تكونا مرتاحتين لسياسة الحياد التي انتهجتها مسقط في الكثير من الملفات العربية الشائكة لا سيما الحرب العدوانية في اليمن..

لطالما سعت السعودية والإمارات للضغط على سلطنة عمان لجرها للسياسات التبعية المتهورة التي تنتهجها الأسر الحاكمة في البلدين..

ازدادت حدة تلك الضغوط بعد تولي المحمدين بن زايد وبن سلمان لزمام الأمور وحاول مجرمي الحرب أن يحصرا الراحل قابوس بين خيارين اثنين إمّا أن تكون معنا أو أن تكون ضدنا في الحرب على اليمن..

لكن الرجل ومن بعده سلفه السلطان هيثم لم ينجرا لتلك اللعبة المتهورة التي يلعبها الأحمقين بن زايد وبن سلمان ووصل الحد بالرياض وأبو ظبي لاتهام السلطنة بأنها تدعم خصومهم في هذه الحرب العدوانية بالأسلحة ناهيك عن أن مسقط تمثل فعلياً عاصمة الدبلوماسية اليمنية ومنها تجد السياسات الخارجية لحكومة الانقاذ في صنعاء متنفسها إلى الخارج.. كل الخارج..

يقول تحليلٌ مطولٌ لمؤسسة “جيمس تاون” الأمريكية إن التواجد السعودي في المهرة يهدد الاستقرار ويدفع عمان للتخلي عن حيادها..

الدراسة البحثية التي خرجت بهذا الاستنتاج كتبها الباحث “مايكل هورتون” ورأى فيها أن محافظة المهرة كانت معقلًا للاستقرار طوال معظم فترة الحرب السعودية الإماراتية على بلادنا لكن المطامع السعودية تشكل تهديداً للخروج عن دائرة هذا الاستقرار..

بحسب الكاتب “هورتون” فإن الرياض انخرطت على مدى العامين الماضيين في السياسة القبلية لمحافظة المهرة وسعت لإقامة تواجدٍ عسكريٍ لها في عاصمة المحافظة الغيظة ومنطقة حوف على الرغم من المعارضة الشعبية لهذا التواجد الذي يصفه سكان المهرة بالاحتلال والذي أقاموا ما يعرف بساحات الاعتصام للوقوف في وجهه..

المطامع السعودية في المهرة ليست بالجديدة وفقاً للتحليل الأمريكي فالرياض تنظر للمهرة كبعد استراتيجي واقتصادي سيسمح لها بالوصول براً إلى خليج عدن وهو الحلم السعودي الذي لم يبارح مخيلة حكامها والذي ستتمكن الرياض من خلاله بتحقيق حلمها القديم المتجدد بمد أنبوب نفطٍ عبر المهرة يصل لخليج عدن..

خط الأنابيب الذي تطمح السعودية لمده عبر المهرة والذي رفضته صنعاء لعقود مضت سيسمح للرياض بتقليل اعتمادها على مضيق هرمز الذي ترى فيه تهديداً ايرانياً محتملاً وقائماً على الدوام..

يقول “مايكل هورتون” في تحليله الذي نشرته مؤسسة “جيمس تاون” البحثية الأمريكية بأن السعودية تستخدم عملياتها العسكرية في المهرة لممارسة الضغط على عمان في الوقت الذي تعتقد فيه الرياض بأن السلطنة تمر بمرحلة ضعفٍ اقتصادي بسبب انخفاض اسعار النفط وسياسيٍ بسبب المرحلة الانتقالية التي تبدو واضحة فيها آثار غياب مؤسسة السلطنة وراسم سياساتها المتوازنة..

تريد الرياض عبر هذا الضغط اخراج السلطنة من دائرة الحياد التي لطالما التزمتها وبالتالي اشراكها في الحرب العدوانية على بلادنا وهو ما يبدو حلماً بعيد المنال على الرغم من غياب سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد..

بدوره أيّد موقع “جيوبو ليتكال” الأمريكي هذه القراءة وقال أنه ومنذ انتخاب “دونالد ترامب” رئيساً للولايات المتحدة في العام 2016 تضاءلت إلى حد ما قيمة أوراق السلام لدى عُمان منذ أن أعطى “ترامب” السعودية والإمارات حرية التصرف في شبه الجزيرة العربية وبالتحديد على الحدود العمانية اليمنية في محافظة المهرة..

وترى الدراسة بأن “قابوس” رفض مراراً إشراك عُمان في الحرب التي تقودها السعودية ضد أنصار الله في اليمن كما انه حذر الملك السعودي من الوقوع في شرك صراع لا يمكنه الفوز به وفقاً للموقع الأمريكي..

إن استمرار السياسات السعو إماراتية الضاغطة على عمان سيدفع مسقط للخروج مضطرة من حيادها الذي لطالما التزمت به وسيدفعها إلى الانحياز إلى جانبٍ في الحرب على بلادنا على الأقل وبالتأكيد لن يكون ذاك الجانب السعودي أو الإماراتي.