السلطة ودورها بالتطبيع.. ليس العرب وحدهم من باع الفلسطينيين
د. حامد أبو العز*
لطالما نددنا بالتطبيع العربي الإسرائيلي، الذي أعطى إسرائيل نصر مجاني وانتقال تاريخي من مرحلة الأرض مقابل السلام إلى مرحلة السلام مقابل السلام. ولكن اليوم الأمور تغيرت، فأصابع الاتهام تتجه إلى السلطة الفلسطينية، والمكونة منا نحن “الفلسطينيون”.
فها هو حسين الشيخ يغرّد على تويتر “مبشراً” بعودة التنسيق الأمني مع العدو, وقائلا: “أنّ العُلاقة ستعود إلى سابق عهدها بعد تلقّي السّلطة تعهّدات إسرائيليّة بالالتِزام بالاتّفاقات المُوقّعة بين الجانبين”.
هذه السلطة التي تحمل اسم السلطة الفلسطينية، عادت لحماية أمن إسرائيل من المقاومين الفلسطينيين، فالمقصود بالتنسيق الأمني مع إسرائيل لا يخرج أبداً عن هذا الإطار وهو “حماية أمن إسرائيل من كل ما يهددها”. وكل ذلك مقابل بضع دولارات يقدمها الكيان الغاصب لقيادات السلطة ومحمود عباس.
ولا نعجب أبداً إذا ما عادت السلطة ووافقت على تطبيق صفقة القرن التي طرحها الرئيس ترامب، وذلك لإن 700 مليون دولار كانت تقدمها الولايات المتحدة للسلطة ستغري قادة السلطة للعودة إلى الحضن الأمريكي وتطبيق صفقة القرن، التي تعطي للفلسطينيين كانتونات متفرقة من أرضهم التي عاشوا عليها ذات يوم، وتلغي حق العودة، وتحول القضية الفلسطينية إلى قضية اقتصادية بحتة.
فتصور القضية الفلسطينية على أنها مجرد مشكلة اقتصادية متنازع عليها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتستشهد بموافقة السلطة عليها لتمريرها وفرضها بالقوة.
والسؤال هو هل هناك من أحد يستطيع الوقوف أمام هذا المشروع؟ وهل يعوّل الفلسطينيون على الرئيس القادم للولايات المتحدة؟
يبدو بأنه في الأيام الأولى التي أُعلن فيها فوز الرئيس المنتخب “بايدن”، كان أسعد الناس بهذا الفوز بعد بايدن ونائبته كامالا هاريس، هو محمود عباس وقادة السلطة. ولذلك سارعوا بإرسال التهاني للرئيس المنتخب، حالمين بعودة التمويل مرة أخرى بعد\ خروج ترامب من البيت الأبيض.
وهذا التحرك إن دلّ على شيء، يدل على سذاجة القادة هناك، فأول المحادثات الجدية التي أجراها بايدن، كانت مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. حيث طمن الأول الأخير بأن لا شيء سيتغير وبأنه صهيوني “كما ادعى في العديد من المرات”، وبأنه لن يوفر أي جهد في الدفاع عن حقوق إسرائيل.
هذه السذاجة السياسية لدى قادة السلطة ممزوجة بطمع في تلقي الأموال. فلو كانت السلطة محقة بما صرحت به أوائل إعلان صفقة القرن وأوائل الإعلان عن التطبيع بين العرب وإسرائيل، لكان من الحري بها الانسحاب النهائي من التنسيق الأمني، وتمزيق اتفاق أوسلو وبنوده المذلة.
أخيرا، يجب أن نذكر بأن التطبيع العربي-الإسرائيلي المجاني مرفوض، وهذه الهرولة باتجاه التطبيع سيذكرها تاريخ المسلمين في صفحاته، ولكن يجب في نفس الوقت إدانة السلطة التي تهرول يوما بعد يوم نحو إسرائيل. وكما سيخسر العدو قضيته الغير عادلة وتعود فلسطين حرة آبية، سيسقط معها كل من تعاون معهم، وكل من أخفض رأسه وهو خنيع.
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع