السياسية : مجيب حفظ الله

على أنقاض ما تبقى من مسمى مجلس التعاون الخليجي انعقدت أمس في مدينة العلا السعودية القمة الخليجية التي حضرها أمير قطر بعد أعوام من المقاطعة بين الإمارة الصغيرة من جهة وكلٍّ من السعودية والإمارات ومصر والبحرين..

تحت مسمى المصالحة انعقدت هذه القمة التي لا طائل من وراءها سوى وضع البيض كلّه في سلّة واحدة حتى يتمكن الأمريكان والصهاينة من كسره أو سلقه مجتمعاً متى ما أرادوا ذلك..

لا معنى للمصالحة الخليجية بين أمراء الحرب طالما وجميعهم يسعون لخراب هذه الأمة ويستمتعون بالدور الذي منحه لهم الأمريكي والإسرائيلي كقفازاتٍ متسخة تنفذ عبرهم الصهيونية العالمية كل خططها ومآربها في المنطقة..

لولا حكام الخليج ما تمكن الصهاينة من التسلل إلى مربع التطبيق الهادئ للتطبيع مع بقايا العرب..

كان من آثار المقاطعة الخليجية لإمارة قطر أن تم طرد القطريين من تحالف العدوان على بلادنا.. حاولت الدوحة أن تظهر نفسها وكأنها الحمل الوديع الذي تم حشره في تحالف هذا العدوان وهو غير راضٍ عنه لكنها ليست الحقيقة فعمان مثلاً أعلنتها صريحة ورفضت الحرب على بلادنا بل سعت ولا تزال لإيقافها..

اليوم وبأوامر من أمريكا قررت السعودية والإمارات ودول المقاطعة أن تعيد العلاقات مع قطر عبر فتح الأجواء وفتح المنفذ البري الوحيد بينها وبين السعودية وكذا توقيع اتفاقية للمصالحة ضمن القمة الخليجية..

فعّل السعوديون إذن المحرك رباعي الدفع إلى الوراء على غير عادتهم في المكابرة والعنجهية والممانعة الفارغة.. ويبقى التساؤل هل كان ذاك كنوع من مراجعة الحسابات أم أنها تنفيذٌ لأوامر الأسياد..

وفقاً لموقع قناة الجزيرة القطرية على الانترنت فقد رحبت الإمارات باتفاقية المصالحة على لسان وزير الدولة للشئون الخارجية أنور قرقاش وذلك تعليقاً على إعلان ولي العهد السعودي المهفوف محمد ابن سلمان بأن هذه القمة الخليجية هي قمة تاريخية للم الشمل الخليجي ولإعادة إحياء روح منظومة مجلس التعاون..

كلامٌ فارغٌ يدرك مطلقوه أكثر من غيرهم أن لا أساس له على الأرض فالشرخ الحاصل بين حكام الخليج فيما بينهم يحتاج لأكثر من مصالحة وانعكاسات الانقسام والعراك لا تزال قائمة على الأرض..

ليس أدل على هذا الانقسام من برنامج “المتحري” الذي بثته قناة الجزيرة القطرية عن الممارسات داخل السجون السرية الإماراتية في بلادنا بعد أيام قليلة فقط من الإعلان عن أولى خطوات المصالحة بين الفرقاء..

كانت الرسالة واضحة بأن المصالحة لن تتم إلا بعد إزالة آثار السياسات الخاطئة للمتطاولين من أعراب الخليج وعلى الأخص النظام الإماراتي الطامح للريادة في المنطقة..

أبرز آثار هذه العقلية التآمرية لحكام الخليج تمثلت في الحرب العدوانية على اليمن والتي اشتركت فيها كل دول الخليج باستثناء عمان وبدرجات متفاوتة..

لا بصيص أملً في الأفق عن رغبةٍ سعودية إماراتيةٍ لإيقاف الحرب على بلادنا لعدة أسباب أهمها المطامع السعو إماراتية في الإرث اليمني الذي خلفته لها الطبيعة المكانية لهذا البلد الاستراتيجي وتاريخ هذا الشعب المحوري في كل مراحل التغيرات السياسية في الشرق الأوسط قديمه وجديده..

وفقاً لمحللين أمريكيين ومراكز أبحاث غربية فإن الرياض وأبو ظبي لا تملكان أفقاً أو رؤيةً للحل السلمي في اليمن وبالتالي فإن أبن سلمان وأبن زايد لن يفكرا في العودة خطواتٍ إلى الوراء ناهيك عن مراجعة فكرة إنهاء هذه الحرب برمتها..

السؤال الذي يطرح نفسه في الشارع اليمني اليوم هو: “هل يملك ابن سلمان وابن زايد الضوء الأمريكي الأخضر لإيقاف الحرب العدوانية على اليمن أم أن الأمور لا تزال في طريقها لمزيدٍ من الانفلات والتصعيد..!”

يبدو أن المصالحة الخليجية وقمة مجلس التعاون التي انعقدت أمس في مدينة العلا السعودية لم تجيب على هذا التساؤل فحكام الخليج لم يستوعبوا إلى اليوم بأن رحى الحرب التي أداروها في بلادنا ستطحنهم جميعاً أن لم يوقفوها اليوم.