حتى متى يصمد التحالف السعودي في حرب اليمن؟
حسن عردوم*
إلى أين يريد التحالف العربي الذي تقوده الرياض أن يصل باليمن؟
وهل وضع هذا التحالف نقطة “نهاية” لحربه الشعواء في البلد الفقير؟
تدخل حرب اليمن عامها السابع، بعد أسابيع، وسط تخبطٍّ لدول التحالف وبحثها عن “نصر” لا يوجد سوى في مخيلة كاتب “سيناريو” العدوان على اليمن، وربما قد أصبح هو الآخر يائساً من تحقيق أية نتائج إيجابية على الساحة اليمنية، لاسيما في ظل تنامي القدرات الصاروخية لليمنيين واستمرارهم بشكل يومي بقصف المنشآت السعودية منذ ثلاثة أسابيع، كان آخرها استهداف شركة أرامكو في جدة – العاصمة الاقتصادية للسعودية- بصاروخ مجنّح انطلق من الأراضي اليمنية بمعية طائرات مسيرة من نوع 2k.
كم تحتاج الرياض من الوقت حتى تجنح للسلام وتعترف بأن استخدام القوة لا تجدي مع “بلد” له تجارب كثيرة مع “غزاة ومحتلين” قدامى، وكانت النتيجة أن لُقب هذا البلد بـ”مقبرة الغزاة”.
في الوقت الذي ظنتها الرياض حرباً خاطفة لا تتعدى أسابيع، ها هي الآن تتجرع من نفس الكأس الذي أرادت لغيرها أن يشرب منه، فعادت تلك الحرب عليها بخسائر كبيرة عسكرية واقتصادية وأخرى غير مباشرة لم يُفصَح بعد عنها.
بات المتابع لحرب اليمن لا يتساءل عن إنجازات السعودية أو طلعاتها الجوية أود عمها لحلفائها على الأراضي اليمنية بقدر ما يسأل عن الهجمات المضادة للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية التي بات العمق السعودي لها هدفاً سهلاً يُذاع على رأس الساعة.
الزاوية الضيقة التي تنظر منها القيادة السعودية والإماراتية لليمن وشعبه “كنظرة دونية” يجب أن تتوقف ليس لمصلحة اليمن فقط، بل لمصلحة الرياض نفسها، فهي بحاحة الى جار ودود لا عدو لدود.
لأن الخسائر التي أنفقتها الرياض في حربها على اليمن قد تصل إلى مليارات الدولارات وفقاً لوسائل إعلام، ناهيك عن الخسائر البشرية والمادية والعسكرية المهولة، في حين كان يجب أن تُنفق تلك المبالغ على شعبها بدلاً من تضييق الخناق عليه وفرض إتاوات تثقل كاهله.
كما أن الرهان السعودي الإماراتي على القوة في تركيع اليمنيين لن يؤتي أكله، وما على الرياض الآن إلا أن تعيد حساباتها، وتوقن بأن الحل العسكري لن يقدم لها شيئاً سوى مزيد من الخسائر والغرق في الوحل اليمني، خاصة مع تغيّر الموقف الأمريكي تجاه حرب اليمن وسعي الإدارة الأمريكية الجديدة الحثيث لإيقاف حربها في هذا البلد الفقير.
ما يجب أن تدركه إدارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان- ولا أظنها ستدرك- أن استمراها في حرب وحصار اليمن وتجاهلها للدعوات الدولية الرامية لإحلال السلام في اليمن سيجلب لها الكثير من الخسائر والأزمات، لاسيما والمنشآت السعودية بأكملها على مرمى صاروخ ومسيّر يمني.
إضافة إلى أن على القيادة السعودية أن تنظر إلى جيرانها اليمنيين بعين الجار الذي تربطه به الجغرافيا والنسب، بعيداً عن الصورة النمطية التي تكونت، والفوبيا التي حاول الأمريكان ترسيخها لدى السعوديين من تحول اليمنيين إلى إيرانيين.
واقع جديد فرضه اليمنييون على دول الخليج ان تتقبله، خلاصته أن اليمن لم يعد كما كان في السابق “الحديقة الخلفية لهذه الدول”، والبلد الذي يمكن أن تُفرض عليه الوصاية وتنهب ثرواته ويتضور شعبه جوعاً دون أن يحرك ساكناً.
وبالمجمل نستطيع القول إن اليمن اليوم غير يمن الأمس، وعلى العالم أن ينظر إلى هذا البلد من منظور “أنه يحق له أن يحكم نفسه بنفسه، ويستخرج ثرواته ويستفيد من موقعه الجغرافي، بعيداً عن وصاية أية دولة، سواء الدول الخليجية أو غيرها، فهذا البلد قد شبَّ عن الطوق وصار شعبه يعرف إلى أين يسير.
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع