السياسية – متابعات || محمد الكامل*

شكّل إعلانُ القوات المسلحة اليمنية مواصَلةَ الإسناد لغزة تحديًا كَبيرًا لدى العدوّ الإسرائيلي، في ضوء قدرتها على فرض معادلات استراتيجية، أفشلت كُـلّ التهديدات والاعتداءات الصهيونية والأمريكية في محاصرة تداعياتها.

لم تمضِ الساعات الأولى من عودة العدوان الصهيوني على غزة؛ إلا وكان اليمن في الواجهة مرةً أُخرى، عبر استئناف عملياته الإسنادية لقطاع غزة، بكل ثباتٍ وصمود وموقف متصاعد على المستوى العسكري والاستراتيجي.

ورغم واقع التحولات، ومختلف المتغيرات التي طرأت في خارطة المواجهة ضمن معركة (طوفان الأقصى)، إلا أن اليمن ظل الجبهة الوحيدة والمُستمرّة في موقف الدعم والإسناد لغزة ومقاومتها الباسلة، ومن موقع القوة والمبادَأة والجُرأة.

وفي السياق، يرى الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان، أن "اليمن اليوم لم يضعف ولم يتراجَعْ خُطوةً واحدةً إلى الخلف رغم أنه يعاني ويتحمَّلُ أَثْقالَ معركة الإسناد بكل أبعادها ومساراتها بشكل منفرد".

ويشير إلى أن "العدوان الأمريكي مثلًا لم يستطع تحقيقَ أيةِ نتيجةٍ في إضعاف قُدرات قواتنا المسلحة أَو التأثير عليها ولو مؤقتًا"، مؤكّـدًا أن هذا العدوان "زاد من قوة عملياتنا المساندة لغزة بشكل أكبر" سواءٌ في إطار مهاجمة الأساطيل والسفن الأمريكية في البحر الأحمر أَو عمليات قصف أعماق كيان العدوّ"، معتبرًا أن "الجبهة اليمنية ثابتة في موقفها المساند لغزة ولن تتوقف عمليات الإسناد مهما كانت شراسة التحديات أَو الضغوط العدوانية التي يمارسها العدوّ الأمريكي على شعبنا".

ويوضح أنه "خلال هذه الجولة تم تقديم شواهد على ثبات وصرامة الموقف العسكري لقواتنا المسلحة ومستوى ما وصلت إليه من قدرات ضاربة تمكّنها من تنفيذ سيناريوهات تصعيدية مدمّـرة بكيان العدوّ الإسرائيلي والأمريكي، حَيثُ تم قصف أعماق كيان العدوّ منذ تجدد التصعيد بنحو 30 صاروخًا فرطَ صوتي وباليستيًّا وطائرات مسيّرة.

وقال: إن "القوات المسلحة اليمنية لن تتوقف عند أي سقف في إطار المعركة الاستراتيجية، بل ستواصل التصعيد وتوسيع الضربات حتى يتم كسر كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي ورفع عدوانه وحصاره الظالم على قطاع غزة".

وأكّـد أن "المسألة مرتبطة بهذه المسارات، وأن مستوى العمليات القادمة سينطبِعُ بتأثير وقوة أكبَرَ فوقَ ما يتخيَّلُه العدوُّ الأمريكي والإسرائيلي"، لافتًا إلى أن "عملياتِ استهداف حاملات الطائرات والسفن الأمريكية وعمليات قصفِ أعماق كيان العدوّ هي مرحلة أولية من استراتيجية التصعيد".

وبيّن أن "قواتنا المسلحة على جهوزية لاتِّخاذ خيارات وإجراءات عسكرية مدمّـرة لا تتوقف فقط على ضرب السفن وحاملات الطائرات في البحر الأحمر، بل ستشمل استهداف المصالح والأصول الأمريكية العسكرية والاقتصادية".

وأكّـد عثمان أنه "لا خطوط حمراء تقف أمام قواتنا المسلحة في خوض معركة الدفاع عن سيادة اليمن وإسناد غزة؛ فالعمليات ستتصاعد وفق ما تتطلبه الظروف والمتغيرات، وما توجّـه به القيادة العامة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-"، متابعًا، "فكلما استمر العدوّ الصهيوني الأمريكي في عدوانه على بلدنا وعلى غزة، ستطبق مستويات تصعيدية تتجاوز جميع الحسابات والفرضيات".

وكان السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- قد أكّـد أن أمريكا و"إسرائيل" فشلتا في مواجهة القدرات العسكرية لليمن، مشدّدًا على أن أولوية اليمن إسناد الشعب الفلسطيني في غزة.

وأوضح السيد القائد خلال خطابه الأخير حول مستجدات الأحداث والعدوان على غزة أن "العدد الكبير من عملياتنا المساندة نُفذت رَغم العدوان الأمريكي المكثّـف على بلدنا، وعملياتنا منذ 15 رمضان (15 مارس الماضي) إلى 9 ذي القعدة (6 مايو الجاري) بلغت 131 ونُفذت بـ 253 صاروخًا باليستيًّا ومسيّرات".

في الإطار، رأى الخبير العسكري العقيد هاشم وجيه الدين، أن "عمليات الإسناد اليمني مثَّلت لغزًا كَبيرًا حيّر العدوّ، كما شهدت تطوُّرًا كَبيرًا جِـدًّا من حَيثُ زخم العمليات وتصاعدها، سواءٌ أكان التصدي للعدوان الأمريكي على اليمن، أَو استهداف عمق الكيان الصهيوني"، واصفًا عمليةَ قصف قاعدة الصواريخ "سيدوت ميخا" في منطقة أسدود ومطار اللُّد المسمَّى صهيونيًّا (بن غوريون) في يافا المحتلّة بأنها "العملية الأولى من نوعها".

وَأَضَـافَ وجيه الدين في تصريح خاص لـ "المسيرة" أن "هناك عملياتِ اشتباكٍ واسعةً ضد حاملة الطائرات الأمريكية والقِطَعِ الحربية في البحر الأحمر، والتي بلغت 131 عمليةً هجومية بنحو 253 صاروخًا باليستيًّا ومجنَّحًا وطائرة مسيّرة"، مؤكّـدًا أن "العملياتِ اليمنيةَ العسكرية المساندة لفلسطين شهدت زخمًا في عددِها ونوعيةِ أهدافها، وتحقيق إنجازات كبيرة".

وأشَارَ إلى أن "القوات المسلحة اليمنية أنهت فخرَ الصناعة الأمريكية في المجال الجوي التجسُّسي حين نجحت في إسقاط 26 طائرة من طراز "إم كيو 9" الأمريكية، 22 منها تم إسقاطها خلال العدوان الأمريكي على اليمن في جولته الأولى والثانية؛ ما جعل السماء اليمنية محرَّمة عليها، إلى جانب المواجهات والمطارَدَات الجوية للطائرات الشبحية من طراز بي 2 كذلك".

وأكّـد أن هناك "تطورًا كَبيرًا في استراتيجية القوات المسلحة اليمنية لردعِ العدوان الأمريكي على اليمن أَو العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة"، مُضيفًا أنه "خلال فترة (طوفان الأقصى) حقّقت الدفاعاتُ الجوية والقواتُ المسلحة اليمنية العديدَ من الإنجازات، وأن اليمن أصبح رقمًا صعبًا في المعادلة".

وخَلُصَ وجيه الدين إلى القول: إن "العدوَّ الأمريكي فشل في كُـلّ أهدافه وإنه في حالة تخبُّط لم يعرفها سابقًا، في المقابل اليمن مُستمرٌّ في عملياتهِ المسانِدَةِ لغزة حتى وإن وقف وحيدًا إلى جانبِ الشعب الفلسطيني".

* المسيرة نت