السياسية : تقرير || صادق سريع*

"اليمنيون أول جهة فاعلة في العالم نجحوا في استهداف السفن بالصواريخ الباليستية المضادة للسفن، لا إيران، ولا روسيا، ولا حتى الصين قامت بذلك.. بل اليمن"، وفق تأكيد رئيس قسم الاستشارات بمجموعة "EOS البريطانية للأمن البحري"، مارتن كيلي، لصحيفة "التلغراف".

وقالت الصحيفة البريطانية:" إن استئناف القوات اليمنية الهجمات المفاجئة على السفن في البحر الأحمر، أدهشت حكومات الغرب، خصوصاً بعد أن أصبحت تمتلك ترسانة من المسيّرات والصواريخ، المتطورة والمصنوعة محلياً في ظل ظروف الحصار المزمن، ما يكشف عن المستوى المتقدم من الاكتفاء التقني والتكتيكي".

وأضافت: "العمليات اليمنية البحرية الأخيرة، لا تعكس فقط مستوى الإصرار، بل تشير إلى اتساع الخيارات العسكرية المتاحة أمام صنعاء في ظل تنامي قدراتها على إنتاج المسيّرات البحرية والجوية، ما يعقد حسابات الردع الإقليمي والدولي".

وأشارت إلى ادعاءات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بانتهاء اليمنيين عسكرياً، بينما الواقع عكس ذلك تماماً، وقد باتوا أقوى من أي وقت مضى.

ونقلت تحذيرات خبراء عسكريين من استمرار الرهان على الحلول العسكرية، بعد استئناف الهجمات اليمنية في البحر الأحمر، التي أثبتت أن الحل العسكري غير قادر على وقفها، مما يضع صناع القرار في الغرب أمام واقع إستراتيجي جديد يصعب تجاوزه بالتجاهل أو الإنكار.

والأربعاء الفائت، أعلنت القوات المسلحة اليمنية إغراق سفينة "إتيرنيتي سي" كلياً في البحر الأحمر، أثناء إبحارها إلى ميناء أم الرشراش المحتل، لرفضها التحذيرات، وانتهاك قرار الحظر البحري واستئناف التعامل مع الموانئ الصهيونية.

والثلاثاء، أعلنت إغراق سفينة "ماجيك سيز" المملوكة لشركة إماراتية في البحر الأحمر، لانتهاكها قرار حظر التعامل مع موانئ "إسرائيل"، وجدّدت استمرار حظر الملاحة ضد سفن الكيان في البحرين الأحمر والعربي حتى وقف العدوان الصهيوني على غزة.

ورقة الضغط الإستراتيجية

بدورهم، قال خبراء أمنيون لوكالة "أسوشيتد برس": "إن الهجمات اليمنية الأخيرة في البحر الأحمر أظهرت طبيعة معقدة بعمليات تنفيذها بدقة عالية، وأدت إلى إغراق سفينتين خلال أيام، ما يعكس تطوراً لافتاً في التكتيكات البحرية المستخدمة".

وأضافوا: "هذا التصعيد يعكس فشلاً جديداً للهجمات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية العدوانية على اليمن في كبح القدرات العسكرية اليمنية، أو وقف استهداف خطوط الملاحة المرتبطة بـ'إسرائيل"".

وأكدوا أن القوات اليمنية باتت تشكل تهديداً حقيقياً لوجود أمريكا في البحر الأحمر وخليج عدن، بعد أن أثبتت قدرتها على تنفيذ عمليات بحرية دقيقة ومنسقة، تجاوزت الجغرافيا لتطال البُعد الإستراتيجي للأمن الإقليمي والدولي.

واعتبروا أن ضرب سفينتين في أيام معدودة، وإجبار شركات التأمين العالمية على الانسحاب من تغطية السفن المرتبطة بـ"إسرائيل"، يعني أن صنعاء لم تعد رقماً هامشياً في معادلة الحرب، بل فاعلاً قادراً على التأثير في حسابات دولية كبرى.

وهكذا قال أحد خبراء عساكر الغرب - لم يُذكر اسمه - لـ"أسوشيتد برس": "إن العمليات البحرية اليمنية تمثل ورقة ضغط إستراتيجية، تتجاوز من حيث نتائجها عمليات إطلاق الصواريخ من غزة، لأن تأثيرها يمتد إلى الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد البحرية، وهو ما يفرض على واشنطن وحلفائها إعادة النظر في أدوات المواجهة".

وأضاف: "التحولات الأخيرة تشير إلى انتقال قوات صنعاء من موقع الرد المحدود إلى مرحلة المبادرة العملياتية، في ظل عجز واضح لدى البحرية الأمريكية عن تأمين خط الملاحة الإسرائيلية من هجمات الدرونز البحرية أو الصواريخ الموجهة".

مقاطعة سفن "إسرائيل"

في السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين في شركات التأمين البحري، قولهم: "إن السفن المرتبطة بـ'إسرائيل' ستواجه مقاطعة من شركات التأمين، بعد إغراق الجيش اليمني لسفينتي 'ماجيك سيز"ط' و'إتيرنيتي سي' في البحر الأحمر".

وقال رئيس عمليات شركة "فيسيل بروتكت" المتخصصة في تأمين مخاطر الحرب البحرية، مونرو أندرسون: "يبدو أن ما شهدناه هذا الأسبوع هو عودة إلى معايير الاستهداف المحددة في منتصف 2024، والتي تشمل أساساً أي سفينة لها صلة بـ'إسرائيل' حتى لو كانت من بعيد"، مضيفا: "مع الغموض تأتي المخاطر".

وتواصل القوات المسلحة فرض الحظر الجوي والبحري على "إسرائيل"، بإطلاق الصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا، إسنادًا لغزة، في ظل استمرار الحصار البحري في البحر الأحمر والذي أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إتيرنيتي سي" في 9 يوليو 2025.

وقد أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,240 صاروخاً ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" المساندة لغزة، منذ نوفمبر 2023، أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية لدول العدوان الأمريكي والبريطاني و"الإسرائيلي"، في بحار الأحمر والعربي والمحيط الهندي.