السياسية – تقرير || صادق سريع*

في تعليقها على الاتفاق بين صنعاء وواشنطن، قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية: "اليمنيون هم المنتصرون من الاتفاق مع الولايات المتحدة، بعد فشل الأخيرة في حملة العدوان المكثف على اليمن".

وقالت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: "اليمنيون لم يقدموا أي تنازل في الاتفاق، بل تم وفق الشروط التي أعلنوها منذ البداية"، مؤكدة أنه لا يشمل وقف الهجمات على "إسرائيل" وضد سفنها في البحر الأحمر.

وأضافت: "الحملة العدوانية الأمريكية على اليمن باءت بالفشل وواشنطن أنسحبت قبل أن تحقق أهدافها، بسبب فعالية الهجمات وقوة الضغط العسكري من اليمنيين، بالإضافة إلى الكلفة العالية للغاية وخشية التورط في حرب مفتوحة تجلب مخاطر جسيمة".

ومن وجهة نظر مجلة "فوربس" الأمريكية، فمن غير المرجّح أن تُخاطر الولايات المتحدة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار مع صنعاء عبر مساعدة 'إسرائيل' في شن عدوان مباشر على اليمن، وربما تقتصر بتقديم الدعم الدفاعي في محاولة لاعتراض الصواريخ اليمنية التي تستهدف الكيان".

أما صحيفة "التايمز" البريطانية فقد علّقت على الاتفاق ذاته بالقول: "تبخّرت وعود ترامب بالقضاء على قدرات القوات اليمنية، التي باتت تملك اليد العليا في البحر الأحمر، بفضل صمود اليمنيين وقدراتهم العسكرية المتطورة والمتصاعدة."

7 مليارات دولار: خسائر واشنطن

وأضافت في تقريرها العسكري: "قوات صنعاء تملك اليد العليا في البحر الأحمر، وفي المواجهات مع البحرية الأمريكية، رغم كثافة الضربات التي شنّتها الأخيرة وانتهت بالفشل".

وتابعت: "خسارة طائرة 'إف-18' بقيمة 67 مليون دولار، ضاعفت فاتورة الخسائر المتزايدة، التي بلغت حتى الآن ما يقارب 7 مليارات دولار خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية".

واعتبرت حادثة سقوطها من حاملة الطائرات "هاري إس ترومان"، أثناء هروبها من الصواريخ اليمنية، "تذكيرًا صارخًا بالتكاليف الباهظة والتحديات المعقّدة أمام قوى الغرب في الحرب مع خصم يتمتع بقدرة فائقة على التكيّف والمراوغة".

نجاح اليمن وإخفاق الكيان

وقالت صحيفة نيويورك "تايمز": "نقف اليوم أمام واحدة من أكبر نجاحات القوات اليمنية، وواحدة من أخطر الإخفاقات 'لإسرائيل'، بعد أن نجحت الصواريخ اليمنية في اختراق كل منظومات الدفاع الجوي للكيان ووصولها إلى مطار اللد (بن غوريون)".

وأضافت: "تجاوز الصواريخ اليمنية لأنظمة الدفاع 'الإسرائيلية' والأمريكية يُعد ضربة كبيرة، وإخفاقًا خطيرًا للدفاعات الأكثر تطورًا في العالم، لا سيما مع سقوط أحد الصواريخ قرب مبنى الركاب الرئيسي في المطار، وهو الهدف الأكثر تحصينًا وحساسية داخل إسرائيل".

الحظر الجوي المستمر

وعبّر رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، عن غضبه قائلاً: "الأمر لا يُصدق على الإطلاق، فبعد مرور عام وسبعة أشهر على الحرب، لا يزال ملايين 'الإسرائيليين' يركضون إلى الملاجئ".

وأعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ حظر جوي شامل على الكيان عبر إطلاق صواريخ باليستية فرط صوتية ومسيّرات على أهداف حساسة؛ مثل مطار اللد في يافا المحتلة، بهدف شل حركة الطيران مؤقتًا، وتحذير الشركات من الاستمرار في تسيير الرحلات إلى الأراضي المحتلة.

وذكرت "تايمز أوف إسرائيل" أن وزيرة النقل في حكومة الكيان، ميري ريغيف، عقدت اجتماعًا طارئًا مع رؤساء شركات الطيران "الإسرائيلية" بعد أن علّقت معظم شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى المطار بفعل استمرار الهجمات اليمنية.

وفي ظل الحظر الجوي، تواصل شركات الطيران العالمية إلغاء رحلاتها إلى "إسرائيل"، وقد أعلنت أكثر من 27 شركة من كبريات شركات الطيران في العالم إيقاف رحلاتها حتى إشعار آخر.

الثغرات الأمنية الأخطر

وأشارت صحيفة "ذا ناشيونال" إلى أن سقوط الصاروخ، يوم الأحد الماضي، على المطار الرئيسي في الكيان كشف عن ثغرات أمنية خطيرة، وأثار علامات استفهام كبيرة حول قدرة المنظومات الدفاعية على حماية البنية التحتية الحيوية.

وأكدت أن نجاح الصواريخ اليمنية في الوصول إلى المطار الرئيسي سبب حالة من الذعر في الحركة الجوية، ودفع شركات طيران كبرى إلى تعليق رحلاتها إلى يافا (تل أبيب) مؤقتًا.

ونقلت عن محلل استخبارات المصادر المفتوحة، تال هاجين، قوله: "لقد حالف الحظ 'إسرائيل' كثيرًا؛ فلو أن الصاروخ سقط على مبنى الركاب رقم 3 أو على طائرات الركاب، لكانت الخسائر البشرية فادحة".

وأضاف: "اليمنيون يظهرون قدرة واضحة على إلحاق الضرر باقتصاد 'إسرائيل' من خلال بثّ الخوف والقلق الشديدين داخل حكومة الكيان، نتيجة لاختراق صواريخهم الأنظمة الدفاعية".

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، منذ نوفمبر 2023، أكثر من 1,200 صاروخ ومسيّرة إلى عُمق "إسرائيل"، في إطار معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"؛ نصرة لغزة وإسنادًا لمقاومتها ضد العدوان الصهيوني.

لبّ الكلام:
إن صواريخ اليمن فرضت على "إسرائيل" تهديدًا حقيقيًا قسريًا، كشفت من خلاله ضعف المنظومات الدفاعية والأمنية للكيان، وألحقت به أضرارًا اقتصادية فادحة في ظل عجزه الواضح واستمرار الحظر الجوي الذي شلّ حركة المطارات وأثّر على شركات الطيران العالمية.