الورقة الأمنية.. وجه آخر للعدوان الصهيو-أميركي على اليمن
السياسية || محمد محسن الجوهري*
فتنة "حنتوس" الأخيرة في محافظة ريمة تمثل نموذجًا على مدى التلاعب بورقة الأمن ضد أي بلد ينتهج سياسات مناهضة للهيمنة الأمريكية. واليمن اليوم يلعب دورًا بارزًا في رفض الهيمنة الأمريكية، ومن الطبيعي أن تُسلَّط عليه أدواتها وعملاؤها؛ فواشنطن تملك تاريخًا طويلًا في ضرب الأمن وزرع الفتن، بوصفها أحد أهم أدوات النفوذ، سواء الناعم أو الخشن، في مواجهة الدول التي تخرج عن طوعها.
ويكفي أن نعلم أن المدعو حنتوس يتبنّى المذهب السلفي المتطرف، الذي أثبت انحيازه للصهاينة في كل مواقفهم، ويرى منظّروه أن اليهودية أقرب إليهم من الإسلام. ويظهر ذلك من خلال إيمانهم بقتل وإبادة كل المسلمين، والعمل على تمزيق الأمة بالفتن الطائفية، كما نرى حاليًّا في سورية، وكل ذلك بإشراف واشنطن والكيان الصهيوني، إضافة إلى الممالك الخليجية التي تتحمّل مسؤولية تأسيس الجماعات السلفية وتمويلها.
وكما هو معروف، فإن النظام السعودي لا يؤمن بخيارات الأمة الإسلامية في مواجهة العدو الصهيوني، ولطالما وقف حجر عثرة في وجه أي مشروع ديني أو غير ديني يهدف إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة، سواء في فلسطين أو غيرها. وليس تمويله للجماعات السلفية في اليمن لضرب الوحدة الوطنية بجديد على تاريخه التآمري على الأمة لصالح المحتل الصهيو-أمريكي. يضاف إلى ذلك أن النظام السعودي يكنّ عداءً خاصًّا لليمن منذ تأسيسه، ويرى في وحدة اليمن واستقلاله وقوته خطرًا وجوديًّا عليه، واليوم تتقاطع مصالحه مع مصالح الصهيونية العالمية في كثير من المواقف، آخرها تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان "صفقة القرن". ومن يتاجر بفلسطين، فلن يبخل على اليمن بمثلها من المؤامرات.
والغريب أن كل التنظيمات الموالية للعدوان السعودي-الإماراتي دعمت الفتنة السلفية في ريمة، رغم أن الكثير من تلك التنظيمات يبدي مقتَه للتطرف السلفي في العلن، مما يؤكد أن إجماعها لا يكون إلا بتوجيهات غربية ملزمة، كما حدث عشية تأييدها للعدوان على الوطن في مارس 2015، حين توحد اليساري الملحد مع الإخواني المتأسلم إلى جانب السلفي المتطرف في مشروع واحد يخدم الصهيونية العالمية.
ولو تُركت تلك التنظيمات على حالها، لما توحدت ولا أجمعت على موقف أبدًا، لكنّ غريزة العمالة مقابل المال، وحب الخيانة، طغت على حقيقة انتماءاتهم المزعومة. فقد تحالف الاشتراكي مع من كفّروه في حرب 94، ووضع الناصري يده في يد قتلة الشهيد إبراهيم الحمدي، وخنع "العفاشي" مجددًا لمن أحرقوا "عفاش" وشرّدوه عام 2011. ولا جامع مشترك بينهم سوى المال السعودي والعمالة للمشاريع الأمريكية.
وقد اتضحت الرؤية أكثر بعد "طوفان الأقصى"، حين أجمع أولئك على ما دعتهم إليه السفارة الأمريكية من تحريم نصرة الشعب الفلسطيني، حتى بالمظاهرات والتضامن الشعبي. ولن يتحرك مثل هؤلاء إلا في مشاريع تآمرية مناهضة للأمة الإسلامية وقضاياها القومية.
والتعامل معهم لا يكون بالتسامح مع دعواتهم الفتنوية، بل بفضح مؤامراتهم وكشف حقيقتهم للأمة، وعدم التساهل مع مخططاتهم التدميرية. فالتركيز اليوم يجب أن يكون على الملف الأمني، والحرب على اليمن أخلاقية بامتياز، وهي تتطلب من جميع الخونة التخلي عن أي معايير أخلاقية لضرب وحدة اليمن والتشويش على مواقفه المشرّفة تجاه القضايا القومية، وعلى رأسها ما يحدث في فلسطين.
والحق واضح للجميع، ومن يُعرض عنه فإنما يفعل ذلك لأن له مصلحة في تلك المعارضة، كما هو حال أغلب المنافقين على اختلاف تسمياتهم.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب