رسائل موجعة إلى العرب: "إسرائيل" تُبيد غزة بالجوع
السياسية || صادق سريع*
في غزة فقط، تسمع أصوات الطائرات ودويّ الانفجارات وصرخات بكاء الأطفال والصغار المجوّعين وأنين أوجاع الكبار وقرقرة البطون لمليوني ونصف جائع، على حدود جغرافيا عربية يكاد ينفجر سكانها من التخمة.
قصص مروعة، فصولها كُتبت بحروف وكلمات وعبارات حزينة وعناوين موجعة من وحي الواقع المرير الذي يعيشه الغزّيون: "كل من في غزة جائع.. وكل من فيها بائس"، "كل غزة تبحث عن رغيف خبز"، "وكل من فيها جائع الآن"، "غزة تُباد جوعًا".
الجوع وما أدراك ما الجوع، وفظائع الجوع، وخبث سياسة التجويع والقتل بسلاح الجوع، ليس لشخص واحد أو أسرة واحدة أو جماعة، بل لشعب بأكمله اسمه قطاع غزة، يمثل أمة قوامها مليارا مسلم.
الجوع، الموت البطيء الذي يفتك بأطفال وكبار غزة بدون رحمة، وهم يشاهدونه بأم أعينهم يسحب أرواحهم من أجسادهم الهزيلة هويناً هويناً بشعور ألم لا يُطاق، ولا حيلة لهم سوى صرخات استغاثة لأمة سئمت من سماع أصواتهم المبحوحة التي يتقطع صداها بفعل الجفاف وأمراض سوء التغذية.
علَت الاستغاثات وبُحّت الأصوات ولا مغيث من العرب، وقد ارتعشت الأرواح، وهزلت الأجساد، وجفّ الريق في الأفواه من شدة العطش وفتك سلاح الجوع وآفات المرض.
لا ماء ولا غذاء، ولا طعام ولا شراب، ولا دواء ولا مال، لا وقود ولا مساكن، ولا أمان ولا هدوء، ولا حتى هواء نقي.. ولو كان لـ"إسرائيل" القدرة على منع الهواء عن أهل غزة لفعلت.
وكلما تعاقب الليل والنهار، ترتقي أرواح أهل غزة إلى السماء جماعات تلو الجماعات، وتُكتب أسماؤهم في سجلات الموتى شهداء، وعلى الأكفان عبارة "اللعنة على العرب"، ويُكتب سبب الوفاة: "مات على ذمة الجوع وخذلان العرب، إلا إخواننا في اليمن".
وبعد أن فشلت "إسرائيل" وأمريكا ودول الغرب وأنظمة مصر والسعودية والإمارات والأردن في كسر إرادة مقاومة غزة عسكريًّا، باستخدام أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرّمة دوليًّا، وارتكاب أبشع الجرائم اللاإنسانية التي تبرأ منها التاريخ وأعتى طغاة العصر والزمن الماضي، بحق أهل غزة بأقذر وسائل وأساليب الإجرام والإبادة الجماعية والتصفية الجسدية والتطهير العرقي والتهجير القسري.
لجأ الكيان لتنفيذ مخطط هولوكوستي صهيوني بانتهاج سياسة التجويع وسلاح الجوع بالحصار القاتل على كل شيء يتنفس في غزة، للضغط على المقاومة الفلسطينية في مفاوضات الدوحة، برعاية شريكة القتل والدمار والتهجير بحق الفلسطينيين: أمّ الإرهاب أمريكا، ضمن محاولات صنع انتصار وهمي لـ"إسرائيل" من بوابة السياسة، بعد فشل كل الحلول العسكرية منذ 7 أكتوبر 2023.
وهكذا كتب الأحرار رسائل موجعة من غزة إلى العرب، قالوا فيها:
"تحدثوا... تحدثوا عن غزة وما فيها، عن الجوع، والنزوح، والقهر، والظلم، والخذلان. تحدثوا يا من صمَتّم كثيرًا. تحدثوا ولو مرة بضمير حيّ. تحدثوا عن غزة يا عرب ومسلمين، أهل غزة يموتون بأبشع أنواع الموت في القرن الواحد والعشرين، لم يبقَ شيء من أنواع التنكيل إلا ومورس عليهم".
وأضافوا: "من قلب المجاعة في غزة، وجوه متعبة، أيدٍ ممدودة، وعيون تتوسل وجبة تسند الجوع. رجال ونساء وأطفال يحملون أوانيهم الفارغة، يتزاحمون خلف سياج الخيبة، يركضون نحو قِدرٍ واحد يطبخ البقاء، لا الشبع".
ووصفوا أوضاع الأطفال المجوّعين: "لغة العيون وحدها تروي الحكاية. الطفل عبد الله أبو زرقة يتلوى من الألم، وتتمزق معدته الخاوية من شدة الجوع. يبكي بحرقة، يصرخ: 'جعان'.. لكن لا طعام، ولا دواء، ولا حتى قدرة لدى أمه التي تنظر إليه بعينٍ مكسورة، عاجزة عن إسكات أوجاعه أو احتضان جوعه. هكذا يُترك أطفال غزة.. لا موت رحيم، بل حياة تتقطع بالألم والجوع والخذلان".
وهكذا أنهوا الكلام الحزين: "الخبز حلم، والماء النقي أمنية، والغذاء معجزة. الأجساد تذبل في صمت، والجوع ينهش الأرواح.
تحدثوا عن الجوع في غزة، فوالله الحال الذي وصلوا إليه لا يخطر على عقل بشر. باختصار وبدون مقدمات... غزة تُباد جوعاً".
"إسرائيل" تجوّع شعب بأكمله وسط محيط عربي متخم بالنعم، تحدثوا عن حرب التجويع في غزة، بأي وجه ستلاقون الله يا أمة الملياري مسلم؟
المقال يعبّر عن رأي الكاتب