قراءة تحليلية لخطاب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم
السياسية || كيان الأسدي*
في موقف سياسي صريح وواضح، رسم سماحة الشيخ نعيم قاسم - حفظه الله- ، الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها في سياق ما يُطبخ للبنان خلف الكواليس الدولية والإقليمية. فقد أكد سماحته أن المذكرة الأمريكية الأخيرة، التي تتحدث عن نزع السلاح حتى الخفيف منه، لا تُلزم حزب الله بشيء، خاصة في ظل غياب أي ضمانات أمريكية تُلزم العدو الصهيوني بعدم خرق الاتفاق.
موقف حزب الله حاسم: أي جدول زمني لنزع سلاح المقاومة مرفوض بالكامل، وهو ما يعني أن تمرير أي قرار وزاري في جلسات الحكومة اللبنانية يتضمن نزْع السلاح تحت ضغط التهديد بوقف التمويل الخارجي أو توسعة العدوان الإسرائيلي، سيُواجَه برفض قاطع.
فالسلاح ليس عبئًا على لبنان، بل ضمانة وجوده، والتنازل عنه تحت أي مسمى أو صيغة هو سقوط سياسي وأخلاقي واستراتيجي، يفتح الباب واسعًا أمام الاحتلال ليقرر مصير البلاد دون مقاومة.
الشيخ قاسم شدّد على أن المطلوب ليس نزع السلاح، بل مناقشة استراتيجية دفاعية وطنية تحفظ للبنان سيادته وتحميه من العدوان، لا أن يُساق البلد إلى مشروع استسلام متكامل الأركان.
العدو الصهيوني، وإن كان يلوّح بالحرب، إلا أن مصلحته الحقيقية تكمن في تجنّب المواجهة الشاملة، لأن المقاومة اليوم تملك القدرة على ضرب عمق الكيان، وهذا ما قاله سماحته بوضوح ضمني: الرد سيكون قاسيًا، والمقاومة جاهزة لتوسيع دائرة المواجهة إن فُرضت عليها.
بيّن سماحته أن الحديث عن تحسين السيادة في البيان الوزاري يتناقض تمامًا مع مطلب نزع السلاح، إذ أن الدولة اللبنانية، كما أُقِرّ في البيان، عاجزة عن الدفاع عن نفسها دون المقاومة، وهذا يُعيد التأكيد على أن المقاومة ليست خارج إطار الدولة، بل هي في صُلب المعادلة السيادية.
أما ربط المقاومة باتفاق الطائف، فهو تثبيت قانوني وميثاقي لوجودها، إذ تنص بنود الاتفاق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير الأراضي المحتلة، والمقاومة أثبتت أنها الأداة الفعالة لهذا الهدف.
كان المنتظر من الحكومة اللبنانية أن تفتح نقاشًا جادًا حول استراتيجية الأمن الوطني مع الجهات المعنية، لكن ما حدث كان انحرافًا خطيرًا عن هذا المسار، إذ تحوّل النقاش إلى محاولة لانتزاع مصدر القوة الوحيد المتبقي في وجه العدوان.
والأخطر من ذلك، بحسب الشيخ قاسم، أن هناك من يدفع بالبلاد إلى فتنة داخلية، وهم أدوات الداخل المتماهين مع مشروع العدو. هؤلاء يعملون على تقويض الاستقرار عبر محاولة شيطنة المقاومة، والعبث بمفاصل السيادة.
في ختام خطابه، أعاد سماحة الشيخ تثبيت معادلة المقاومة كجزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، بل هي صانعة النصر، ومحررة الأرض، وسيدة السيادة. فلا أحد يملك الحق في نزع سلاحها، ولا أحد يزايد على تاريخها الذي صاغه 5000 شهيد و13 ألف جريح، أوقفوا العدوان وكسروا مشروع الاحتلال الذي كان يهدف إلى تغيير جغرافيا لبنان وابتلاع سيادته.
المقاومة بخير. المقاومة قوية. المقاومة مصمّمة على البقاء، وجمهورها صلب، صابر، مستعد لأقسى التضحيات. وكما قال سماحة الشيخ، فإن سلاحنا هو عنوان كرامتنا، ومن لا يملك هذا السلاح، لا يملك قراره، ولا يحمي أرضه، ولا شعبه.
* كاتب عراقي
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

