ضحى تحكي قصة فتيات وشباب غزة الذين بترت أطرافهم وأحلامهم
السياسية-وكالات:
لم تكن ضحى أبو حصيرة، ذات الـ19 ربيعًا، تعلم أن طريق العودة إلى غزة سيكون مفروشًا بالشظايا والوجع، وأن شوقها إلى والدها وشارع طفولتها سيتحول إلى مأساة جديدة تضاف إلى قائمة طويلة من المعاناة والنزوح والألم.
بدأت حكاية ضحى يوم اضطرت هي وعائلتها للنزوح من قلب غزة إلى الجنوب، بحثًا عن مأوى آمن وسط نيران عدوٍ مجرم لا يعرف لغةً غير الإبادة والتجويع .
ككل سكان القطاع الذين فرّقهم العدو الإسرائيلي المتوحش، تركت ضحى كل شيء خلفها، منزلها، مدرستها، أباها ، أحدى إخوتها، وغادرت مع أمها وثلاث شقيقات.
تقول ضحى لصحيفة "فلسطين": كل خطوة نزوح كانت تسرق شيئًا مني"، مضيفةً: "خرجنا على أمل أن نلتقي بأبي وأخي قريبًا، لكن الغياب طال، والقلق صار رفيقنا."
نزحت العائلة مرارًا، من المغازي إلى الزوايدة ثم دير البلح، حيث استقروا أخيرًا في خيمة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.
تصف ضحى حياة النزوح هرباً من الموت الذي يزرعه العدو الصهيوني في كل شبر من القطاع فتقول "أصبحت الخيمة بيتنا، والماء المالح شرابنا، والهواء المعبأ برائحة البارود يختلط بأنفاسنا".
وتشير الفتاة التي تحملت عبئ العائلة مع والدتها أنه على الرغم من كل الجوع والخوف والتعب والتشريد، لكن أصعب الأيام لم تكن قد بدأت بعد.
وفيما كانت الفتاة الحالمة بوجه والدها تنتقل مع العائلة باتجاه وادي غزة سقط شيء بجوارهم.
أُصيبت بشظايا في الرأس والكتف والحوض والوجه. نُقلت إلى مستشفى العودة، ثم إلى شهداء الأقصى، وهناك بدأ فصل جديد من الألم.
بعد يومين، خضعت لعملية جراحية صعبة: بتر لأصابع اليد اليمنى، ورقع جلدية من الفخذ لمحاولة إنقاذ ما تبقى من يدها، وقضت ثلاثة أشهر في المستشفى، في ظل ندرة الإمكانيات والرعاية والدواء والبقاء على قيد الحياة هو أمل بحد ذاته.
اليوم، تنظر ضحى إلى يدها اليمنى بعد أن بات تمشيط شعرها وربط شالها على رأسها تحديًا يوميًا تواجهه كالآلاف من فتيان وفتيات وأطفال غزة الذين (بترت أحلامهم) بعد أن فقدوا بعض اطرافهم بسبب عدوٍ متوحشٍ يمتهن القتل والتجويع والإبادة ويتلذذ بها.

