السياسية : عبد العزيز الحزي

أرسل الله تعالى جل شأنه إلى البشرية رسلا وأنبياء على فترات زمنية متعاقبة لهداية البشرية من الضلال الفكري والعقائدي والأخلاقي الى نور الهدى والعدل ومكارم الأخلاق ولقد كانت سنة الله ماضية أن يرسل نبيا تلو نبي، فلا يقبض الله تعالى نبيا إلا ويرسل مكانه رسولا أو نبيا آخر، ولما طالت فترة الانقطاع من الرسل والأنبياء سادت البشرية مظاهر كثيرة من الانحرافات فعم الظلم، وانتشرت الطبقية ، وقطيعة الرحم، العبودية وخلت المجتمعات من الإنسانية والرحمة والعدل، فكان لازما على الله تعالى أن يصحح المسار بعودة الحياة الى طبيعتها

فأرسل الله تعالى نبيه ورسوله الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم خاتما للرسالات جمعا ليكون الملاذ الآمن للبشرية،وليرفع عنهم ظلم الظالمين والجبابرة، ويزيل مظاهر الاستعباد والجبروت عن كاهل البشرية.

ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الرحمة المهداة للعالمين باختيار الله تعالى له لهذه المهمة الأبدية فضّله على جميع الأنبياء، فهو سيد الأنبياء وخاتمهم وسيد ولد آدم إلى يوم القيامة، إنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف من ينتهي نسبه إلى إسماعيل الذبيح عليه السلام، وشاءت إرادة الله تعالى أن يفدى أبوه عبد الله أيضاً، كما فدى الله تعالى أباه إسماعيل فهو ابن الذبيحين، وهو الذي ما عرفت البشرية أرحم ولا أكمل ولا أصدق منه.

واليوم لا عجب ولا ضير أن نحتفي جميعا في هذا البلد الميمون بلد الأيمان والحكمة والفقة بمولد الرسول الأعظم نبينا محمد الصادق الأمين عليه الصلاة والتسليم فهو لازما علينا تجاه خاتم الأنبياء والمرسالين.

فما أوتيه صلى الله عليه وسلم من خلق ورحمة لم يؤته أحد غيره من الأنبياء والمرسلين، فقد جمع الله تعالى له ما تفرق من الحسن والكمال في جميع الأنبياء جمعه فيه دفعة واحدة فهو الأجمل والأكمل والأتم خلقاً ورحمة، حتى استحق أن يكون رحمة للعالمين، كما قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} الأنبياء: 107]، قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

وقد ختم ا.د على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر مقالا له عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث عن أدلة مشروعية الاحتفال بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم، فقال “الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم، ومحبَّة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : “والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده”وأنه صلى الله عليه وسلم قال : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»

وتابع ا.د جمعة يقول في مقاله له “الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به ، والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه فعرَّف الوجود بأسره باسمه، وبمبعثه، وبمقامه، وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله، وفرجه، ونعمته على العالمين، وحجته”،…

وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بأنواع شتى من القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين : ابن الجوزي، وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى”.

وسنظل على الدوام نحتفل بمولد نبينا محمد النور الهادي والرحمة المهداة في كل حين وآن، فصلى الله وسلم على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.