كيف أثر إلغاء الحج علی طقوسه في اليمن..؟
هناء السقاف
للعام الثاني علی التوالي يلغي نظام آل سعود مهمة أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الحج بذريعة فيروس كورونا، ويكتفي بعدد 60 ألف حاج يقتصر علی من هم داخل المملكة فقط وسط إجراءات صارمة ومشددة لمن يخالف وعقوبة بالسجن ودفع غرامة مالية 10 آلاف ريال سعودي لمن ليس لديه تصريح خاص لتأدية مناسك الحج.
وبهذا القرار الجريء من حكام آل سعود علی شريعة رب العالمين وعلى شعوب الأمة الإسلامية أنحرم الآلاف من زيارة بيت الله الحرام وانعدمت الأفراح والتهاني بسفر وفود الحجيج من بلدان العالم ومن الاستقبال الكبير والترحيب بعودتهم.
وفي اليمن خاصة لها طابعها المتميز والمتعارف عليه عبر الأجيال وقد اختفت تلك الطقوس أو التي كانت تبدأ في وداع الحجاج حيث يأتي الأقارب والأصحاب إلی منزل الحاج لوداعه والتمني له الوصول بالسلامة وتحميله بالدعاء لهم.
وعند سفر الحجاج متوجهين في طريقهم إلی نقطة السفر سوا جوا أو برا ترافقه مواكب المودعين، من هناك تصدح الميكروفونات المثبتة علی أسقف السيارات بالتسابيح المعروفة والخاصة بحجاج بيت الله الحرام اليمنيين والتي بمجرد أن تسمعها الأذن من بعيد يعلم المواطن اليمني أن هناك حجاج مغادرين إلی الأرض المقدسة فتلك التسابيح متعارف عليها منذ الأزل ويتميز بها الصوت المؤدي لها.
وبعد ذلك تبدأ ما يعرف بـ (المدرهة) بالمعنى العام (الارجوحة) وتعليقها في أحواش المنازل الخاصة بالحجيج للنساء وفي الحارات للرجال وتزين بقطعه من ملابس الحاج وبالورود وتبدأ تقريبا بعد عيد الأضحى بيوم أو يومين خاصة ويعرف هذا الموروث الشعبي في صنعاء والمناطق الشمالية.
ويحلق حولها الناس ويبدأ المتأرجحون بالغناء والأهازيج بنصوص شعرية شعبيه يبدأ بحوار خاص بين الممدرة والمدرهة في صورة جمالية بعدها تصف فيها الحجاج وشوق أهاليهم لهم وسط فرحه عامرة بممارسة هذا الموروث الشعبي والمختلط بفرحة العيد.
وهكذا تستمر الأيام إلی أن ينتهي شعائر الحج ويبدأ الحجاج في مغادرة بيت الله الحرام محملين بالهدايا وبعضا من مياه ماء زمزم المباركة لتوزيعها على الأهل والأحبة والأصدقاء ومن استوصوهم بالقدوم بها.
وعندما يعلم أهالي القرية أو الحي بمقدم موكب الحجيج الخاص بأقارب وجيران لهم يخرجون إلى مشارف عزلهم وقراهم أو في المدن إلى المطارات والمنافذ البرية ويستأجرون سيارات ويصطحبون معهم الطبول (البرع) وقبلها يقومون بتحضير الأغنام والكباش للذبح بحيث يتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين ويصطف الجميع بلهفه لقدوم المسافرين.
ويصل الحاج اليمني في استقبال مهيب وفرحه تغمر الجميع مهللين بعودته وتنطلق الولائم ويتسابق من لهم صلة به لضيافته معبرين عن سعادتهم بسلامة عودته إلی أهله.
ومع ذكر ما سبق والذي اختصرناه في سطور.. فهذه الأيام في هذا العام أصبحت خاوية من طقوس الحج فلا تسابيح في الشوارع ولا فلان مسافر للحج ولن تعلق المداره في احيائنا خاصة في صنعاء القديمة التي لا تزال تحيي هذا الموروث بقوة ولن نستمع للأصوات الجميلة فيما لن يكون هناك استقبال للحجاج.
في مثل هذه الأيام وقبل العدوان كانت اليمن لا تخلو أي منطقة أو حاره فيه من الحجاج فيما قلوب الآخرين ممن انحرموا من تأدية الركن الخامس تحت أي ظرف معلقه ومتأملة علی أن يعينهم الله للسفر العام التالي، ولكن مع تحالف العدوان بقيادة السعودية وأمريكا والحصار علی البلد أصبح من الصعب السفر ومع ذلك كان هناك من يستطيع الوصول بعد جهد وعناء بعكس العام الحالي, والمنصرم الذي أصبح ممنوع السفر والدخول إلی الأراضي السعودية للحج.
هكذا صنع النظام السعودي الجمود والهدوء المكروه في طقوس الحج في أنحاء العالم وليس اليمن فقط فكل بلد عربي وإسلامي يتميز فيها بطريقته في استقبال ووداع الحجاج وبذلك القرار التعسفي والذي يهدف منه خدمة أعداء الدين اقتصرت الفرحة في يوم واحد هو يوم العيد بعد أن كان الناس يسموه بالعيد الكبير.