صفعةٌ استثنائيةٌ لدولِ العدوانِ بعمليةِ "ومكرُ أولئِكَ هوَ يبورُ"
السياســـية : تقرير || صادق سريع
بين الحرب واللاَّسلم، هناك محطة تُسمّى "استراحة محارب" أو هدنة إنسانية؛ كفرصة لإظهار حسن النوايا، وتقارب وجهات النظر، وتعزيز الثقة المفقودة، ومن ثم الوصول إلى تسوية عبر اتفاق سياسي يُنهي الصراع ويَطوي صفحة الماضي.
لكنّ في أدبيات الحرب لدول العدوان - الأمريكي والسعودي والإسرائيلي لمفاهيم السلام واستراحة المحارب والهدنة الإنسانية تعريفات آخرى: حروب سياسية واستخباراتية واقتصادية وإعلامية، وتجويع بالحِصار، ولكن، "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله".
فعن أي هدنة وعن أي سلام تتحدث، مع عدو مجرم مثل العدو الأمريكي والسعودي والإسرائيلي غلب على طباعه استغلال الهدن المؤقتة لنسج خطط المؤامرات، وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء، وتدمير المنشآت المدنية والاقتصادية في اليمن.
فكيف يمكن إقناع عاقل بأن تصرفات العدو تسير في طريق تحقيق السلام الحقيقي في اليمن؟
وبينما ينشغل عملاء استخبارات دول العدوان وأدواتهم في اليمن بنسج خطط سفك الدماء، تعلن وزارة الداخلية بصنعاء، في بيان أمني عصر يوم 8 نوفمبر 2025، عن ضبط شبكة تجسُّسية تُدار من غرفة العمليات المشتركة في الرياض بين وكالات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، في عملية وصفت بالاستثنائية حملت صفة "إنجاز أمني"، واسم "ومكر أولئك هو يبور".
بالنسبة لعملاء الوكالات الاستخباراتية بدول العدو، كان الإعلان الأمني بمثابة "ضربة المعلم" القاضية التي شلّت حركة المنظومة الأمنية والاستخباراتية وهزّت أركان مراكز القرار في عواصم دول العدوان: واشنطن والرياض ويافا وأبوظبي ولندن.
لقد تجاوز خبث وكالات استخبارات دول العدوان تهمة الشروع في الجرائم الجسيمة، إذ تشارك في التخطيط لقتل شعب اليمن بأكمله عبر التجويع بالحصار والقتل الجماعي العمد للأبرياء، واستهداف الأعيان المدنية والأمنيين في البيوت وفي الشوارع العامة بالصواريخ وضربات الطائرات المقاتلة.
في التفاصيل العميقة، سرد البيان الأمني قصصاً مخزية ومحزنة لعناصر الشبكة التجسُّسية المأجورة، التي غرقت في مستنقع العمالة، وتلقت تدريبات استخباراتية احترافية من ضباط في المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، وحصلت على أحدث أجهزة التجسس لجمع المعلومات ورفع إحداثيات الأهداف المرصودة لتسهيل استهدافها بطيران العدو.
المأساة الأشد حزناً، أن عناصر وخلايا التجسس تورّطت في سفك دماء اليمنيين المدنيين الأبرياء برفع إحداثيات الأهداف إلى غرفة العمليات المشتركة لوكالات الاستخبارات في الرياض.
وشهد شاهد من أهلها؛ فموقع "انتلي تايم" العِبري الاستخباري أكد أنّ "الرواية الاستخبارية لصنعاء بشأن شبكة الجواسيس الموساد الإسرائيلي والمخابرات السعودية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) تبدو مقنعة".
وأضاف أنّ "الرسم التخطيطي لشبكة الجواسيس مقنع للغاية، لكونه مشابهاً لعروضنا الاستخبارية في سرد تفاصيل إدارة الخلايا المعزولة التي تُدار من غرفة العمليات المشتركة في العاصمة الرياض".
من المؤسف أن يحوّل النظام الوظيفي بالسعودية أرضَ بلاد الحرمين إلى وكر ومعقل رئيسي لتنفيذ المؤامرات الدنيئة وأنشطة التخريب ضد شعب اليمن، الذي يتقاسم مع شعب المملكة الدين والدم واللغة والنَّسب والجوار والمصلحة المشتركة.
لم تكن عملية "ومكر أولئك هو يبور" مجرد إنجاز أمني واستخباراتي عابر، بل كانت صفعة استباقية عرّت قدرات ثلاثي أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، وتجاوزت أوجاعها صراخ جنود الذباب الرقمي للعدو ومرتزقته في وسائل الإعلام والتواصل.
إن نجاح قوات دفاع واستخبارات وأمن صنعاء في معركة الإسناد البحرية لغزة في البحر الأحمر على استخبارات وجحافل الجيوش المعادية، بالإضافة إلى النجاح الأمني الأخير، حوّلها تكتيكياً من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم، التي أربكت الحسابات الأمنية والدفاعية لدول العدوان.
لقد قالت عملية "ومكر أولئك هو يبور" كلمتها في رسالة أمنية غير مشفّرة لأعداء اليمن: "لن يكون هناك سلام على حساب دماء الأطفال اليمنيين، ولن يكون اليمن ساحة مفتوحة لإجراء تجارب وكالات استخبارات وأسلحة محور الشر - أمريكا والسعودية و'إسرائيل'". رفعت الأقلام وجفّت الصحف.

