الإمَارَاتُ و"إسرائيلُ".. التطبِيعُ بنكهةِ الدّماءِ
السياســـية: تقرير // صادق سريع
في تطور جريء،هبطت طائرة شحن إماراتية نوع "أنتونوف-124" في مطار اللد 'بن غوريون' الدولي الإسرائيلي قادمة من مطار أبوظبي، محملة شحنة أسلحة ضخمة، وعربات نوع "أوشكوش" الأمريكية ومعدات عسكرية أخرى.
وتظهر البيانات الجوية عبور الطائرة العسكرية عبر مسارات جوية ملتوية من مطار أبوظبي إلى مطار اللد بيافا المحتلة، وبعد إفراغ حمولة الأسلحة أقلعت إلى دولة جورجيا ثم عادت إلى الإمارات في محاولة لإخفاء آثار الجريمة ودفن رائحة الفضيحة التي تفوح منها برائحة الباروت.
"الإمارات تحاول كسر قاعدة المقاطعة ضد كيان 'إسرائيل'"، هل هذا ما تريده أبوظبي؟ للأسف لم تتوقف عند ذلك الهدف، بل باتت تشرعن تطبيعًا من نوع آخر يفتح الباب لمشاركة بقية الدول العربية في تأمين الجيش الإسرائيلي بكافة أنواع السلاح لقتل الفلسطينيين".
لم تكن الشحنة الإماراتية الأولى ولا الأخيرة، بل ضمن سلسلة شحنات جوية مستمرة. وقد أقلعت، في أغسطس، طائرة شحن عسكرية نوع "إليوشن 76" من قاعدة الريف الجوية في أبوظبي، إلى قاعدة نِبَتيم الجوية الإسرائيلية، التي تعد المركز الرئيس لمخازن الأسلحة في "إسرائيل".
وقبلها أرسلت الإمارات طائرة شحن عسكرية بنفس الطراز إلى مطار "رامون" الإسرائيلي، طارت عبر مسارات جوية غير معتادة وتعقيدات لوجستية أكثر من حساسة، ما اعتبره المحللون تحولاً مثيرًا للجدل، بشكل يثبت اشتراك أبوظبي في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة والضفة.
إن تحوّل مسار التطبيع بين الإمارات و"إسرائيل" من التطبيعات السياسية والإعلامية والاقتصادية والثقافية إلى التعاون العسكري اللوجستي المفرط القائم على إستراتيجية طويلة الأمد، بدعم القاتل بالسلاح ضد الضحية الغارقين في مستنقعات غزة بمياه سيول أمطار الشتاء البارد.
لم يعد دعم الإمارات لـ"إسرائيل"، بالسلاح والمال
بمثابة رسالة تأكيد من أبوظبي باستمرار محاولات دفن القضية الفلسطينية وإبادة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بل أصبحت تشرعن للسلام الإبراهيمي، لكن على الطريقة النازية الإماراتية طريقة قتل وتدمير وتجويع وتشريد وتهجير غزة.
إن معاناة نظام الإمارات من داء فوبيا الإحساس بالنقص تجبره على التحالف مع الشيطان وليس فقط مع "إسرائيل"، من أجل إشباع شهية أبوظبي في مشاريع النفوذ الإقليمية لنهب ثروات الدول مثل السودان وليبيا واليمن، حتى لو كان على حساب خسارة السمعة الأخلاقية وضحايا فاتورة الموت التي تزيد عن 70 ألف شهيد فلسطيني أُبيدوا في غزة.
وتستمر الإمارات بشحن الأسلحة إلى "إسرائيل" ضمن التخادم الاستخباراتي اللوجستي بين يافا وواشنطن وأبوظبي، حيث تتولى الأخيرة دور الوسيط الناقل للأسلحة الولايات المتحدة لإبعادها عن الحرج السياسي والضجيج الإعلامي من المنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع الدولي.
على ذلك، علقت "نويه تسورخي تسايتونغ" وهي صحيفة سويسرية، بالقول: "إن إمداد الإمارات 'إسرائيل' بالأسلحة يثبت تعزيزها علاقات التطبيع مع يافا، على عكس بعض الدول العربية والدول الأخرى في العالم المطبّعة مع الكيان التي قلّصت وسحبت سفراءها وقطعت العلاقات مع 'إسرائيل'".
وأكد موقع "سوراجيم" العبري أن تسيير شحنات الأسلحة لم يعد استثناءً، بل أصبح جزءًا من اتفاق التعاون العسكري المتنامي الذي تجاوز العسكري والاستخباراتي المباشر، بين الإمارات و"إسرائيل"، لتثبت أبوظبي أنها أصبحت حليف إستراتيجي موثوق به لدى يافا وواشنطن.
وفي الوقت، الذي يكشف فيه الإعلام العبري عن سلسلة فضائح شحنات الأسلحة الإماراتية إلى "إسرائيل"، وتلتزم واشنطن ويافا وأبوظبي الصمت، يظل هذا السؤال يبحث عن الإجابة: كم أرسلت الإمارات شحنات أسلحة جوًا وبحرًا وبرًا إلى "إسرائيل" خلال فترة عدوان الإبادة الصهيوني على غزة على مدى عامين؟
ما يجب فعله؟
الأمر يستدعي حراك سياسي جاد من كل الأحرار العرب والمنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع الدولي بممارسة الضغوط السياسية والتعرية الإعلامية لفضح مؤامرات النظام الإماراتي المُطبِّع الذي يحاول فرض واقع جديد يغير قواعد الصراع العربي - الإسرائيلي.

