السياسية: نصر القريطي
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تقف فيها دبي عاصمة الاقتصاد الأماراتي على حافة الهاوية..
احدث التقارير بهذا الخصوص أوردته وكالة “رويترز العالمية” والذي نشرت فيه تسريبات نقلتها عن مصادر إماراتية وصفتها بالموثوقة بخصوص محادثاتٍ تجري على قدمٍ وساق بين أماراتي أبوظبي ودبي لإنقاذ الأخيرة من أزمتها المالية المتفاقمة التي أوصلها الإغلاق الإجباري الذي فرضه فيروس “كورونا” إلى درجةٍ تهاوت معه بورصة دبي وينذر بكارثة حقيقية في الإمارة الاقتصادية التي يصفها الإماراتيون بجوهرة الخليج..
قصة الإمارة الزجاجية ومشاكلها الاقتصادية ليست حديثة الولادة ففي العام 2009 كادت اقتصاد “دبي” أن ينهار وكانت كل الدلائل تشير إلى انهيارٍ وشيك للأسطورة الاقتصادية لكن محمد بن راشد ارتمى في احضان ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي تكفل باخراج الإمارة من أزمتها الاقتصادية المحدقة عبر ضخ مليارات الدولارات في بورصة دبي والسوق الأمريكية والتي كانت عبارة عن ديون مستحقة السداد على حكومة دبي آنذاك..
الثمن يومها كان الولاء المطلق وأخذ الكثير من خيوط اللعبة الإماراتية من يد “بن راشد” لحساب ولي عهد ابوظبي ولم ينسى بن زايد أن يستغل الانهيار الذي بدا عليه حليفه فقرر يومها سرقت اسم “برج دبي” وتحويله إلى “برج خليفة” بين ليلةٍ وضحاها وحصل ذلك في الرابع من يناير 2010 اثناء احتفالات دبي برأس السنة الميلادية..
اليوم يبدو أن السيناريو يتكرر ولكن هذه المرة ليست كل خيوط اللعبة بيد محمد بن زايد فالاغلاق الإغلاق الإجباري أضر كثيراً بسوق العقارات العمود الفقري لاقتصاد الامارة الزجاجية..
سارعت حكومة دبي لتقديم “نفيٍ يشبه الإثبات” على تقرير الوكالة البريطانية بصيغةٍ ركيكة تؤكد التقارير التي تحدثت عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها الحكومة الإماراتية في دبي..
صيغة النفي التي أوردها مكتب حكومة دبي عبر “تويتر” اقتصرت على الإقرار بوجود مفاوضات حول حصول دبي على دعم اقتصادي مُقدم من صندوق “مبادلة” السيادي في أبوظبي ولم تتطرق إلى أصل تدخل إمارة العاصمة لمعالجة وضع دبي المتعثر خاصة بعد الشلل الذي أصاب مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارة بسبب تفشي فيروس “كورونا” المستجد ما تسبب في أكبر تراجع اقتصادي شهدته دبي منذ أزمة الدين التي تعرضت لها عام 2009.
وفي حال استمرت سياسات الإغلاق الحالية فإن دبي ستكون هي البقعة الأكثر عرضة للمخاطر الاقتصادية في الشرق الأوسط وأفريقيا حيث يتوقع أن ينكمش اقتصاد الإمارة بنسبة كبيرة بحسب تقدير مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” في لندن.
يضاعف من هذا المأزق تبدد آمال دبي في الاستفادة من استضافة معرض “إكسبو دبي” العالمي في أكتوبر المقبل بعدما جرى تأجيل الحدث إلى عام 2021 وكانت إمارة دبي تعول كثيراً على استضافة هذا الحدث العالمي لجذب نحو 25 مليون زائر إلى الإمارة خلال فترة 6 أشهر.
دبي التي يزورها حوالي 16 مليون شخص سنويا لأغراض تجارية وسياحية يتعرض فيها اليوم قطاع الضيافة للانهيار بسبب الاغلاق الإجباري الذي يفرضه فيروس “كورونا” وهو ما أكده تقرير وكالة “ستاندرد أند بورز” للتصنيفات الائتمانية العالمية..
وفيما تأتي حركة الطيران في المقام الثاني من أصل ايرادات الإمارة الزجاجية فإن الخسائر التي يتعرض لها قطاع الطيران في هذه الإمارة يلقي بظلاله على أزمة الانهيار الوشيك التي بدا “محمد بن راشد” وحكومته عاجزين عن السيطرة عليها..
تمارس حكومة دبي هذه الأيام اجراءات تقشفية غير مسبوقة تتمثل في تقليص النفقات بما لا يقل عن 20% إضافةً لوقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر، وتعليق جميع مشاريع التشييد التي لم تبدأ أًصلاً وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق لمشاريع البناء الجارية لكن كل تلك الاجراءات لم تعد مجدية في إطار التضخم الاقتصادي الذي راكمته الإمارة على مدى عقود..
بحسب التسريبات التي أوردتها وكالة “رويترز” فإن السياسة الوحيدة التي لا تزال متاحةً أمام “بن راشد” هيس اللجوء لدمج الكثير من الوزارات والهيئات مع إماة أبوظبي وهو ما يعني أن محمد بن زايد يتجه لالتهام “دبي” وأخذ الجمل بما حمل لكن هذا ليس حلّاً مثالياً فالإمارات مثل كل دول الخليج تمر بأزمة مالية غير مسبوقة بسبب انخفاض اسعار النفط الى الحضيض وعجز دول الخليج عن تنويع مصادر دخلها على الرغم من الثراء الفاحش الذي وصلت اليه..
قد يكون العالم كله متضرراً من الوضع العالمي الجديد الذي فرضة فيروس “كوفيد 19 المستجد” لكن دول الخليج وتحديداً “دبي” جوهرة التاج الإماراتي كما يسميها الاماراتيون باتت على حافة الهاوية وقادم الأيام كفيلٌ بتأكيد هذه الفرضيات.