علي الزعتري*

تغشانا لحظاتُ أملٍ بجامعة الدول العربية لكن سريعاً يحل مكانها القنوط.

نتذكر أن الجامعة قامت لأنها مؤسسة الدول و الحكومات. هذا هو محور وجودها.

وإن جادلتَ أن حكوماتنا تمثل الشعوب تمثيلاً ديموقراطياً يعبر عن رأي الأغلبية فعبثاً جدالك. أخشى أنك أيها المواطن لن تجد في الجامعة من يمثلك. أولاً لأن الحكومات لا تستفتي الشعوب بخصوص سياساتها الخارجية و معاهداتها فلا ديموقراطية هنا و الثانية أن الشعوب لا ترسل وزراء للجامعة بل الحكومات تفعل.

الجامعة لا تحيد و لا تستطيع أن تمثل تطلعات الشعوب وطموحاتها فهي تعكس سياسات الدول و الدول تفعل ما تريد و تفعل ذلك بانتقائية واضحة تعتمد على قوة الدولة العضو و نفوذها. والجامعة تقرر و قد تنفذ. لاحظنا ذلك مع مصر كامب ديڤيد و العراق و سوريا و ليبيا و التطبيع الإماراتي البحريني. تبحث في الجامعة عن وقفةً تماثل العز فلا تجد. سبحان الله. كأنها مطموسةٌ مسحورةٌ هذه الجامعة.

المؤسسات المماثلة لها في العالم تخضع بين الحقبة و الحقبة لعمليات تقييم و تقويم، إلا جامعتنا! قارنها بثبات الإتحاد الإفريقي و وثباته و تعظيم وجوده. لا مقارنة.

و ماذا لو حدث هذا التقييم فما سيقول؟
هذا إن أصبح وثيقةً يطلع عليها العموم. سيكشف التقييم إنها كدائرةِ أرشيفٍ قديمة بوزارةٍ مهمشة بدولةٍ عتيدة. مختفيةً عن التاريخ و عديمة التأثير. تنتفض بين الحين و الآخر لتقول أنها لا تزال حية. ثم تغفو.

و قد يقول التقييم أنها بمبناها التاريخي و بهيكلها التنفيذي و بمكاتبها التمثيلية وبكلف اجتماعاتها سيكون من الأجدى قفلها أو تعليق وجودها لتوفير الأموال المصروفة عليها. فالعمل العربي الجماعي من خلالها فاشلٌ جدا، فلماذا تتحمل ما لا طاقة لها به؟

قد يخلص التقييم و بكل أسف، و لو تمنينا العكس، أن المواطن العربي يقول: أريحونا منها. على الأقل إلى أن يعود الرشد العربي. لكن لا صوتَ يُسمعُ للمواطن العربي و الجامعة للدول. فابشروا بطول عمرها و ادعوا لها بالرحمة فإن الرحمة تجوز للحي و الميت و هي كليهما.

* رأي اليوم
* المقال يعبر عن رأي كاتبه