طوفان الجنيد*

إنّ الحربَ والسِّلمَ نقيضان مختلفان؛ فالحربُ كُلفةٌ ومشقّةٌ وخساراتٌ متعددة، ولا تتّسق مع الطبيعة البشريّة، وهي خيارٌ مكروهٌ لدى العامة. أمّا خيارُ السِّلم والمهادنة، فيُمثّل القيمَ الإنسانيةَ العليا، والغايةَ التي تنشدُها الأمم وترغبُ فيها وتطمئنُّ إليها.

لكنّ السؤالَ المحوريَّ الذي يطرحُ نفسَه بإلحاح هو:
هل هناك ظروفٌ وحالاتٌ تكون فيها المواجهةُ المسلحة، رغم فظاعتها، خيارًا أكثرَ ضرورةً وحكمةً من السِّلم والمهادنة؟
الإجابة ليست بسيطةً ولا تقبل التعميم، لكنها تفرضُ نفسها في حالاتٍ معيّنة، حين يصبح السِّلمُ استسلامًا، والمهادنةُ انتحارًا بطيئًا.

أولًا: وجودُ الأسبابِ الآنية والضروراتِ المصيرية:

يكون خيارُ الحربِ أولى عندما تكون المعركة معركةً مصيريةً لا تقبل التقاعس ولا الخنوع، وعندما يتعرّض كيانُ الأمة ووجودُها وهويّتُها الحضارية للخطر.
وعندما لا تكونُ الحربُ نزاعًا على حدودٍ أو موارد، بل محاولةً للإبادة أو الاستعباد أو طمس الهوية.
في مثل هذه الظروف، تُصبح المقاومةُ المسلحة ليس حقًا فحسب، بل واجبًا أخلاقيًا ووجوديًا.

وهذا ما نعيشه اليوم في مواجهة قرن الشيطان السعودي؛ فقد جرّبناه قديمًا ونعرف خِداعَه ومكره، وما يريده من فرض خياراتٍ زائفةٍ عنوانُها السِّلم وباطنُها الاستسلام. في هذه الحالة يصبح خيارُ الحرب والمقاومة هو الخيار الأنجع للدفاع عن الحق والكرامة والوجود كلّه.
ثانيًا: استنفادُ كلِّ خياراتِ السِّلم والدبلوماسيّة:

وهذا تمامًا ما يحدث اليوم في علاقتنا مع العدوّ السعودي–الصهيوني؛ فلأكثر من عامين ونحن ندور في حلقاتٍ مفرغةٍ من الحوارات والتفاوُض، لم تُثمر شيئًا ولم تُقدّم أيّ نتيجة.
بل مارس العدوّ أعمالَ إبادةٍ وتنكيلٍ وحصارٍ خانقٍ، وتسبّب في معاناةٍ إنسانية واسعة.
أمام هذا السلوك، أصبح خيارُ الحرب هو الأجدر، لأنّ هؤلاء الأعداء لا يفهمون إلا لغة القوة، وأنّ المهادنة تحت وطأة جرائمهم لا تُنتج إلا مزيدًا من المراوغات، ومزيدًا من العدوان والمعاناة، واستنزافًا مستمرًا، وارتكاب فظائع بحقِّ المدنيين العزّل.

شروطُ الحربِ العادلة والمُبررة:
لكي يكون خيارُ الحربِ مقبولًا ومُبرّرًا، يجب أن تتوافر جميعُ المقوّمات الأساسية:
الشرعيّة،
القوّة،
القدرة على الردع،
والإمكانات التي تضمن الصمود والمواجهة.

وهذا – بفضل الله – ما تحقق بفضل حكمة القيادة السياسية والثورية ممثّلة بالسيد القائد، الحُجة، العَلَم، عبدالملك بدر الدين الحوثي، سلامُ الله عليه؛ القائدُ الحكيمُ الذي سعى وما يزال يسعى إلى السِّلم، لكنه لا يغفل عن خيار الحرب، ويعمل على تطوير القدرات العسكرية والاستعداد للمعركة الحاسمة التي تضمن للشعب حياةً قائمةً على العزّة والكرامة والحرية والاستقلال.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب