اليمن والسودان نموذجاً..تزييف الهوية والتصهين بأقنعة المطبعين
31 أغسطس (السياسية) نصر القريطي:
تتنفس الأمة العربية كره الصهاينة.. الأمر ليس مرتبطاً بعقيدةٍ أو ملّه فقطلكنه نتيجة لتراكم كل العصور وأثرٌ طبيعيٌ للعداء البنيوي بيننا وبين اليهود.. وليس من المنطقي أن تتحول ثوابت أمةٍ 180 درجة لكن يمكن تزييف هذه الثوابت واستبدال وجوه العداء لليهود بأقنعة التطبيع المزيفة..
لم يكن مستغرباً على الإطلاق إعلان مشيخة الإمارات التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني ولن يكون مستغرباً أيضاً لحاق السعودية بركب المطبعين الرسميين فالتصهين يجري في دماء هؤلاء لكن ما يحصل اليوم من تهليلٍ لهذا التطبيع وتهوينٍ لفداحته وتلويحٍ باستشراءه في بقية الدول العربية يضع ألف علامة استفهامٍ واستفهام حول حقيقة تغير الثوابت العربية وتراجع أولوية القضية الفلسطينية بين الشعوب العربية..
للوقوف على هذه المسألة الخطيرة التي يحاول صهاينة اليهود وصهاينة الإعراب الترويج لها لابد من عمل “دراسة حالة” لمعرفة حقيقة مواقف الشعوب وهل تختلف مع مسار الهرولة نحو التطبيع الذي تنتجه الأنظمة..
حالتان حالات هي التي سنخضعهما لمقارنة سريعة أولها لحالة “اريحية التطبيع” التي تعيشها كلٌّ من دويلة الامارات ومملكة الشر السعودية والثانية لحالة تزييف ثوابت أمة وستكون اليمن والسودان هما مركز تلك المقارنة..
في اليمن والسودان عملت مشيخة الشر الإماراتية على انشاء كياناتٍ بتراء لا ترتبط كثيراً بالقاعدة الشعبية ولم تكن جزءاً من الطبقة التقليدية الحاكمة وكان من المستغرب دعم ابوظبي لهذه الكيانات المتمثلة بمجلس الانتقال الانفصالي في اليمن وقيادات المجلس العسكري الانقلابي في السودان..
اليوم اتضحت الرؤية والاستراتيجية والأهداف بعد مسارعة كلا الكيانين لمباركة الخيانة الإماراتية الغادرة بالتطبيع الكامل مع كيان الاحتلال الصهيوني..
في الجنوب اليمني تحث الرياض وابوظبي الخطى لتنفيذ أكذوبة اتفاق الرياض الذي ليس أكثر من عملية “إحلالٍ لمرتزقٍ بدلاً عن مرتزق” والهدف لم يعد خفياً فعدن وبحر العرب اسال لعاب الصهاينة ووجدوا في صنائع العدوان ضالتهم المنشودة لإيجاد موطئ قدمٍ في اليمن الذي لم يكونوا ليروه حتى في أحلامهم..
تسعى الرياض وابوظبي بخطواتٍ متسارعة لشرعنة خطوات تنصيب صنائعهم “الانفصالية” الجديدة بدلاً عن كرت الشرعية الزائفة الذي احترق وبالتالي ضمان وجود صوتٍ حاكمٍ يتحدث باسم اليمنيين وهو لا يمثلهم يكون معداً سلفاً للترحيب بالتطبيع مع إسرائيل..
مسارعة مجلس الانفصال الانتقالي للترحيب بالخيانة الإماراتية وابداء الرغبة في السير على خطاها ليس أكثر من محاولة لإبداء الولاء لإسرائيل بعد ان كان هؤلاء يدينون بالولاء لصنائعها في الرياض وابوظبي..
في السودان لم تكن مسارعة المتحدث باسم الخارجية السودانية للترحيب بإقامة علاقات كاملة مع كيان الاحتلال الصهيوني تضارباً مع الموقف الرسمي في السودان كما حاولت الخرطوم اظهار ذلك.. بل كانت تلك هي الحقيقة المجردة المتمثلة في تصهين صنائع الإمارات والسعودية الذي يتناقض تماماً مع مواقف الشعوب العربية..
يبدو رئيس وزراء السودان صادقاً حينما قال للأمريكان بان التطبيع مع الصهاينة ليس أمراً تقرره الحكومة داعياً واشنطن الى عدم ربط رفع العقوبات عن الخرطوم بالتطبيع مع إسرائيل..
لكن بالمقابل فإن المدعو “حمدان دجلو” نائب رئيس المجلس العسكري والحاكم الفعلي للسودان ليس أكثر من صنيعة صهيونية إماراتية وبالتالي فإن ما يجري في الخرطوم اليوم ليس أكثر من معركة انتزاع صوت التطبيع مع إسرائيل باسم الحاكمين الجدد..
يدرك الصهاينة وصنائعهم في المنطقة تمام الإدراك بأن كره الصهاينة هو أمرٌ بنيويٌ في كيان الأمة العربية وليس من السهل استبداله بالتطبيع المهين والعشق المحرم وأكبر دليلٍ على ذلك هو الشعب المصري الذي يكره الصهاينة وينظر باحتقار لوجود سفارة إسرائيلية في قلب القاهرة على الرغم من مرور اكثر من أربعة عقود على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل..
وضع أقنعة مزيفة على وجه هذه الأمة التي تتنفس الكراهية لليهود والصهاينة هي استراتيجية إسرائيل وصنائعها للتطبيع وهذا يتم عبر الكيانات التي يتم غرسها في رأس الحكم ليكونا هم تلك الأقنعة القذرة كما يجري اليوم في جنوب اليمن باسم مجلس الانفصال الانتقالي والمجلس المدني (العسكري) الحاكم في السودان.
عداء الأمة العربية وكراهيتها البنيوية لإسرائيل والصهاينة هو الحقيقة الثابتة التي تريد إسرائيل تزييفها عبر صنائعها في الرياض وأبوظبي وصنائعهم الكرتونية في أكثر من دولةٍ عربية.